الأمر السابع : فی أنّ الفعلی لا یصیر مشروطاً وبالعکس
إنّ الواجبات غیر الموقّتة موقّتة تکویناً، والموقّتات الشرعیّة موقّتة تکویناً وتشریعاً، وإنّما الفرق فی قصد القربة وعدم جواز التقدیم علیٰ أوقاتها فی الثانیة، والواجبات المضیّقة موقّتة تکویناً وتشریعاً، ومضیّقة أیضاً تشریعاً.
وأمّا الموقّتات الموسّعة، فلا تصیر مضیّقة عند التأخیر إلاّ تکویناً وعقلاً، لا تشریعاً. ومن هذا القبیل الواجبات المشروطة، فإنّها ـ علیٰ ما تحرّر فی محلهـ مشروطة ولو تحقّق شرطها، ولا تصیر فعلیّة ومقیّدة بعد تحقّق الشرط، ولا یعقل انقلاب الشرطیّة إلی الفعلیّة فی القضایا المنطقیّة والشرعیّة.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 547 نعم، کما أنّ الفعلیّة بتحقّق موضوعها تصیر منجّزة، کذلک الشرطیّة بعد تحقّق شرطها تصیر منجّزة، فما قد یتوهّم من الانقلاب یرجع إلیٰ قصوره، وتفصیله یطلب من محلّه.
وبالجملة: الوجوب إمّا فعلیّ، أو مشروط، وکما أنّ الفعلیّ لا یصیر مشروطاً باعتبار موضوعه فی مقام ضرب القانون، کذلک المشروط لا یصیر فعلیّاً فی مرحلة الجعل والتشریع، وإنّما الاختلاف بینهما بحسب القید الذی اُخذ شرطاً أو اُخذ قیداً، فإن کانت الاستطاعة شرطاً لا یجب عقلاً تحصیلها، وإن اُخذت قیداً یجب تحصیلها؛ لتنجّز الحکم فی الثانی دون الأوّل، وإذا حصلت یصیر منجّزاً، ولا یصیر فعلیّاً؛ حسبما حرّرناه بتفصیل فی موارد من هذه الموسوعة، فاغتنم.
وتوهّم: أنّ الحکم لو لم یصر بعد تحقّق الشرط فعلیّاً، لا یکون إلاّ إنشائیّاً، ولا امتثال للحکم الإنشائیّ، ولا تنجّز له، مندفع بما تحرّر فی المجلّد الأوّل: بأنّ الوجوبات الشرطیّة کلّها فعلیّة تعلیقیّة ثبوتاً، وإنّما معنی الشرطیّة، شرطیة آثارها الخاصّة حفظاً لظواهر الأدلّة فراجع.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 8)صفحه 548