ما یمکن أن یستثنی من الغیبة
الأمرالثانی: فیما استثنی من الغیبة وحکم بجوازها بالمعنی الأعّم.
قال الشهید فی کشف الریبة: «اعلم أنّ المرخِّص فی ذکر مساءة الغیر هو
المکاسب المحرمةج. 1صفحه 413
غرض صحیح فی الشرع لایمکن التوصّل إلیه إلاّ به، فیدفع ذلک إثم الغیبة». وعن جامع المقاصد: «أنّ ضابط الغیبة المحرّمة کلّ فعل یقصد به هتک عرض المؤمن أو التفکّه به أو إضحاک الناس منه، فأمّا ما کان لغرض صحیح فلایحرم کنصیحة المستشیر، والتظلّم وسماعه، والجرح والتعدیل، وردّ من ادّعی نسباً لیس له، والقدح فی مقالة أو دعوی باطلة خصوصاً فی الدین» انتهی.
فإن أرادا بما ذکرا من الضابط قصور إطلاق أدلّة الغیبة عن شمول مورد یکون للمغتاب غرض صحیح، أو انصرافها عنه کما هو محتمل کلام الثانی وإن کان بعیداً عن ظاهر الأوّل.
ففیه منع، لعدم قصور فی الآیة الکریمة بل سائر الآیات و کثیر من الروایات. فلها إطلاق من غیر انصراف عن المورد المدّعی.
کما لاینصرف أدلّة سائر المحرّمات نحو: «حرِّمت علیکم المیتة...» و«إنّما الخمر والمیسر...» عن موارد الصلاح.
وإن أرادا أنّ مصلحة احترام المؤمن أو مفسدة حرمة الغیبة لاتزاحم سائر المصالح مطلقاً، لکون مصلحة حرمة المؤمن ومفسدة الغیبة ضعیفة لاتقاوم سائر المصالح المزاحمة کما هو ظاهر الشهید ومحتمل جامع المقاصد.
ففیه منع کلیّة ذلک، لأنّ الغیبة من کبائر الذنوب کما تقدّم، وقد علم
المکاسب المحرمةج. 1صفحه 414
اهتمام الشارع بترکها من أدلّة الباب والتعبیرات الواردة فیها و فی حرمة المؤمن، کما هو أحد الطرق إلی کشف أهمیّة الأحکام، فلا شبهة فی أنّ مفسدتها أهمّ من کثیر من المصالح سواء رجعت إلی المغتاب بالفتح أو بالکسر أوغیرهما.
نعم، هو ثابت فی الجملة، فلابدّ من النظر فی الموارد الخاصّة.
وإن أرادا أنّ الدلیل قائم علی استثناء مطلق موارد یکون للمغتاب فیها غرض صحیح، فالظاهر فقدان ذلک بهذا العنوان العامّ.
نعم، وردت روایات وأدلّة فی موارد خاصّة لکن لایمکن إلغاء الخصوصیّة عنها إلی کلّ ذی مصلحة وملاک.
مع أنّ عمدة ما وردت فیها الأدلّة المرخِّصة المتجاهر بالفسق والمتظلّم، والترخیص فیهما لیس للتزاحم وتقدیم جانب المقتضی ظاهراً، فلا وجه لاحتمال إلغاء الخصوصیّة.
الکلام فی مقامین
فالأولی صرف الکلام إلی موارد الاستثناء، وکذا موارد یقال أو یحتمل أن یقال بترجیح مقتضاها علی مقتضی الغیبة بعد ما لم یکن فی الباب ملاک کلّی وضابط عامّ، کما یظهر من العلمین المتقدّمین من دعوی الکلّیة.
المکاسب المحرمةج. 1صفحه 415