حول صدق البیع مع کون العوض عمل الحرّ
ثمّ لا إشکال فی صدق «ا لبیع» مع کون ا لعوض منفعـة .
وأمّا عمل ا لحرّ فقد استشکل فیـه ا لشیخ ا لأعظم : باحتمال اعتبار کون ا لمبیع مالاً قبل ا لمعاوضـة ، واحتمال عدم ما لیّـة عمل ا لحرّ .
أقول : هذا وإن کان أمراً مستقلاًّ ، وکان علینا بیانـه فی تحصیل مفهوم ا لبیع ، لکن نتعرّض لـه ـ تبعاً ـ فی ضمن هذا ا لأمر .
فنقول : قد مرّ عدم اعتبار کون ا لمبیع ملکاً للبائع ، کبیع ولیّ ا لوقف ا لموقوفـة ا لعامّـة ، بل ولا یعتبر فی ا لعوض ذلک أیضاً ، کما إذا اشتری ا لحاکم با لصدقات أو با لخراج شیئاً ، وقلنا : بعدم کونهما لما لک ، بل جُعلا لمصرف خاصّ ، وکتبادل ا لوقف ا لعامّ بمثلـه إذا اقتضت ا لمصا لح ، فیرجع إلیٰ تبادلهما فی ا لولایـة أو ا لسلطنـة ، ولابأس بـه ؛ للصدق ا لعرفی ، فهل یعتبر کونهما ما لین قبل وقوع ا لمعاوضـة علیهما أم لا ؟
ا لظاهر عدم ا لاعتبار ، فإذا فرض کون شیء غیر مال لدی ا لمشتری أو ا لبائع ، لکن بعد ا لنقل صار مالاً ، یکون تبادلهما بیعاً عرفاً ، ومورداً لاعتبار ا لعقلاء ، وموافقاً لأغراضهم ، فإذا فرض عدم ما لیّـة عمل ا لحرّ قبل وقوع ا لمعاوضـة علیـه ،
وصار مالاً بعده ، یکون بیعـه بیعاً عرفیّاً عقلائیّاً .
بل قد یقال بعدم اعتبار کونهما مالاً رأساً ؛ فإنّ ا لمعاوضـة علیهما بیع وإن کان فاسداً .
وفیـه ما لایخفیٰ ؛ فإنّ ا لمنظور هاهنا هو ا لبیع ا لذی من مقولـة ا لمعنیٰ ، لا ألفاظ ا لمعاملـة حتّیٰ تتّصف با لصحّـة وا لفساد ، وأمر ا لمعنیٰ دائر بین کونـه مورداً لاعتبار ا لعقلاء وعدمـه ، ومع عدمـه لایکون بیعاً ؛ فإنّـه ماهیّـة اعتباریّـة .
ومعلوم أنّ اعتبارات ا لعقلاء إنّما هی لأغراض واحتیاجات ومصا لح ا لتمدّن وا لعیش ، ولا معنیٰ لاعتبار ما لایتعلّق بـه غرض ولا فائدة لـه رأساً ، فهل یصحّ اعتبار عقد ا لزواج بین ا لشجرتین ، فیقال : «إنّـه نکاح فاسد» أو إنّـه لیس إلاّ اُضحوکـة ؟ !
فتبدیل منّ من ماء ا لبحر بمنّ منـه فی ا لبحر ـ کتبدیل کفّ من تراب بکفّ منـه فی ا لبرّ ـ اُضحوکـة ، لابیع ، ولا معاملـة اُخریٰ .
ثمّ إنّ عمل ا لحرّ مال سواء کان کسوباً أم لا ؛ ضرورة أنّ خیاطـة ا لثوب أو حفر ا لنهر ، مال یبذل بإزائـه ا لثمن ، ولیس ا لمال إلاّ ما یکون مورداً لرغبـة ا لعقلاء وطلبهم ، ومعـه یبذلون بإزائـة ا لثمن .
نعم ، ما لیتـه باعتبار توقّع حصولـه ووجوده ، لکن لابمعنیٰ أ نّـه قید لها ، بل بمعنیٰ کونـه مالاً بلحاظـه ، فیکون ذلک کجهـة تعلیلیّـة لذلک ، فا لفرق بین عمل ا لکسوب وغیره ـ من جهـة صدق «ا لمال» فی ا لأموال دون ا لثانی ، کما ا لتزم بـه ا لطباطبائی قدس سره فی «تعلیقتـه» ـ لیس علی ما ینبغی .
نعم ، فرق بینهما فی تحقّق ا لضمان بحبسـه ؛ فإنّ ا لظاهر أنّ حبس ا لحرّ
ا لکسوب موجب للضمان لدی ا لعقلاء ، بخلاف غیره .
وهذا جارٍ ظاهراً فی ا لعبد ، وفی سائر ا لأموال أیضاً ، فإنّ ا لعبد أو ا لفرس أو غیرهما ، قد یکون معدّاً للإجارة وتحصیل مال ا لإجارة ، وقد لا یعدّ لذلک ، کما فی عبید ا لسلاطین وا لخلفاء ، فإنّهم لمجرّد زیادة ا لشوکـة وا لعظمـة ، ولایکون عبیدهم معدّین للکسب ، فحبس مثل هذا ا لعبد لایوجب ضمان ا لمنافع لدی ا لعقلاء .
وکذا أفراس ا لسلاطین وا لأشراف ، ممّا لاتکون معدّة للإجارة ، بل لرکوبهم ، فلیس غصبها موجباً لتقدیر منفعـة لها وتضمین ا لغاصب إیّاها .
وکذا ا لحال فی بیت معدٍّ لإقامـة ا لعزاء لا غیر ، فیجری فیـه ما ذکر ، ففی جمیع تلک ا لموارد ، یفترق ا لمعدّ للإجارة عن غیره لدی ا لعقلاء .
نعم ، مع استیفاء ا لغاصب منفعـة منها یکون ضامناً لها ، وهو واضح ، وا لظاهر عدم تعبّد فی ا لمقام من قبل ا لشارع غیر ما لدی ا لعقلاء ، فتدّبر .
وأمّا حصول ا لاستطاعـة بمجرّد کون ا لحرّ کسوباً فممنوع ؛ لأنّ ا لاستطاعـة عبارة عن واجدیّـة ا لزاد وا لراحلـة فعلاً ، وعمل ا لحرّ ـ ولو کان کسوباً ـ یوجد با لتدریج ، فتحصیل ا لزاد فی طریق ا لحجّ من قبیل تحصیل ا لاستطاعـة ، ولیست حاصلـة با لفعل .