الخامسة: حکم التمکّن من المثل بعد دفع القیمة
لو دفع ا لقیمـة عند تعذّر ا لمثل ثمّ تمکّن منـه ، فإن قلنا بأنّ ا لعین علی ا لعهدة إلیٰ زمان ا لتدارک ، وقلنا : بأنّ أداء ا لمثل نحو أداء ناقص ؛ للعذر عن أداء ا لتمام بتلفها ، وأنّ أداء ا لقیمـة عند تعذّر ا لمثل أداء للعین بوجـه أنقص من أداء ا لمثل ، وکذا لو قلنا بأنّ ا لمثل علی ا لعهدة ، وأداء ا لقیمـة نحو أداء ناقص للمثل ؛
للعذر عن ا لأداء ا لتامّ .
فلا محیص عن ا لقول : بأنّ وجدان ا لمثل موجب لرفع ا لعذر عن أداء ما فی ا لعهدة ، وأنّ ا لأداء ا لناقص لا یعدّ أداءً عند رفع ا لعذر ، فکما أنّ ا لعین لو رجعت بخرق ا لعادة ، لابدّ من أدائها إلیٰ ما لکها وأخذ ا لمثل أو ا لقیمـة ، کذلک أداء ا لقیمـة أداء عذری لبعض مراتب ا لعین أو ا لمثل ، ومع إمکان ا لأداء بجمیع مراتبـه أو بمرتبتـه ا لکاملـة ، لابدّ من أدائـه .
وأمّا إن قلنا بأنّ أداء ا لمثل فی ا لمثلیّات غرامـة تامّـة وجبران کامل للخسارة ، وأداء ا لقیمـة عند تعذّره أیضاً غرامـة کاملـة وجبران تامّ فی باب ا لغرامات ، فلابدّ من ا لتفصیل بین رجوع ا لعین خرقاً للعادة ، وبین رفع ا لعذر وا لتمکّن عن ا لمثل بعد أداء ا لقیمـة .
بتقریب : أنّ ا لعین بما لها من ا لهویّـة ا لخاصّـة ، لاتجبر با لغرامـة ؛ لأنّ ا لهویّات لاتوجب اختلاف ا لرغبات ، فمنّ من حنطـة یجبر بمنّ آخر منها ، مع تساویهما فی جمیع ا لأوصاف ا لموجبـة لاختلاف ا لرغبات ، وکونـه ذا هویّـة خاصّـة ، لا دخا لـة لـه فی باب ا لغرامات .
فلو أتلف منّاً منها ، وأدّیٰ منّاً مماثلاً من جمیع ا لجهات ا لموجبـة لاختلاف ا لرغبات ، فقد أدّی ا لغرامـة تامّةً ، وجبر ا لخسارة کاملةً ، وخرج عن عهدة ما یکون مضموناً علیـه ، لکن لم یجبر ا لهویّـة ا لشخصیّـة ؛ لعدم کونها دخیلـة فی ا لغرامـة ، لأنّ ا لدخیل فیها عرفاً هو ا لطبیعـة ا لموصوفـة بصفات دخیلـة فی ا لرغبات .
فإذا فرض رجوع ا لعین بشخصها بخرق ا لعادة ، فللما لک مطا لبـة ا لهویّـة ؛ لعدم جبرها فرضاً ، وا لهویّـة ملکـه ، وا لمثل وإن کان تمام ا لغرامـة ، لکنّـه غرامـة لما هو دخیل فی باب ا لغرامـة وا لضمان ، لا لما هو خارج عنـه .
وأمّا مع تعذّر ا لمثل ، فتکون ا لقیمـة تمام درکـه وکمال جبره ؛ وذلک لأنّ ا لقیمـة لیست فی عرض سائر ا لأوصاف ، کا لعربیّـة فی ا لفرس ، وا لخلوص وا لکون فی بلد کذا فی ا لحنطـة ، فا لقیمـة بدل من ا لمثل وغرامـة لـه تامّاً غیر ناقص فی ا لغرامـة ، فمع وجود ا لمثل یکون هو تمام غرامـة ا لعین ، ومع فقده أو کون ا لعین قیمیـة ، تکون ا لقیمـة تمام غرامتها وجابرة للخسارة ، ومعـه لا معنیٰ لبقاء ا لمثل علی ا لعهدة .
وأمّا ا لتفصیل ا لذی أفاده ا لشیخ قدس سره فغیر وجیـه ، بل لو عکس ا لأمر وقال فی صورة عدم سقوط ا لمثل عن ا لعهدة کانت ا لقیمـة من قبیل بدل ا لحیلولـة ؛ بدعویٰ أنّ ا لقیمـة غیر جابرة لحیث ا لنوع وا لمثل ، وأمّا مع ا لانقلاب إلی ا لقیمـة ، سواء کان ا لانقلاب للمغصوب أم مثلـه ، فلا رجوع ، لکان أوجـه .
کما أنّ ما قال بعض ا لمحشّین : من أنّ مبنی ا لشقّ ا لأوّل من کلام ا لشیخ ـ أی عدم جواز ا لرجوع مع کون ا لمثل علی ا لعهدة ـ علیٰ أنّ للما لک إسقاط خصوصیّـة ا لمماثلـة للطبیعـة ، ومطا لبـة حیثیّـة ا لما لیّـة ، ومع إسقاط الاُولیٰ وأخذ ا لثانیـة ، لا وجـه للرجوع .
غیر وجیـه ؛ فإنّـه مضافاً إلیٰ ما سبق منّا ـ من عدم جواز إسقاط بعض ا لحیثیّات وإبقاء بعضها ـ أنّ ا لمبنیٰ لو کان ذلک لکان ا للازم ا لتفصیل بین ما إذا أسقط ا لما لک حیثیّـة ا لمثلیّـة وطا لب با لبقیّـة ، وبین ما إذا طا لب با لقیمـة بلا إسقاط ، فإنّـه مسلّط علیٰ ما لـه علیٰ فرضهم ، مع أنّ ا لکلام فی ا لمقام ممحّض فیما
إذا أخذ ا لقیمـة غرامـة ، من غیر نظر إلیٰ إسقاط ا لمثلیّـة ، وأخذها أعمّ منـه .
ومن ذلک یتّضح ما فی کلام ا لشیخ قدس سره : من فرضـه ا لمراضاة بین ا لغریم وا لما لک بأنّ ا لقیمـة عوض للمثل .
مع أ نّـه لو فرض ا لمراضاة بینهما ، لم یکن فرق بین ا لصور ، ولایتّجـه ا لتفصیل . مضافاً إلیٰ أنّ ا لمفروض أخذ ا لغرامـة ولو من غیر رضاه ، لا ا لمراضاة با لمعاوضـة ، ولو فرض مراضاة فإنّما هی لأخذ ا لغرامـة لا للمعاوضـة ؛ فإنّ باب أخذ ا لغرامات أجنبی عن باب ا لمعاوضات .