ثمّ إنّ ا لمنقول عن ا لشیخ کاشف ا لغطاء قدس سره : أ نّـه لایصحّ بیع ا لوقف ا لعامّ ؛ لعدم ا لملک ، لرجوعـه إلی الله ، ودخولـه فی مشاعره ، لکن مع ا لیأس عن ا لانتفاع بـه فی ا لجهـة ا لمقصودة ، یؤجّر للزراعـة ونحوها ، مع ا لمحافظـة علی الآداب ا للاّزمـة إن کان مسجداً ، وعلی إحکام ا لسجلاّت ، وتصرف فائدتها فیما یماثلها . . . .
ووجّهـه بعض ا لأجلّـة قدس سره : بأنّ للمسجد حیثیّـتین :
حیثیّـة ا لمسجدیّـة ، ولها أحکام خاصّـة .
وحیثیّـة کونـه وقفاً عامّاً .
ولایجوز بیع ا لمسجد بما هو مسجد ، وأ مّا بعض ا لأحکام الاُخر ا لثابت للوقف ا لعامّ ا لذی لایکون منافیاً للمسجدیّـة ، فا لمقتضی لـه موجود ، وا لمانع عنـه مفقود ، کإجارتـه للزراعـة ، وصرف اُجرتـه فی تعمیره ، أو إحداث مسجد آخر ، وا لمفروض عدم منافاتـه للمسجدیّـة ؛ لعدم ا لتمکّن من ا لانتفاع بـه فی ا لصلاة وعبادة اُخریٰ ، انتهیٰ ملخّصاً .
ولا أدری هل أنّ مراد کاشف ا لغطاء قدس سره من «ا لأوقاف ا لعامّـة» هی ا لعامّـة ا لمصطلحـة فی مقابل ا لأوقاف ا لخاصّـة ، أو ا لمراد منها هی ا لمساجد وا لمشاهد ؟
فإن کان ا لأوّل ، فلا وجـه لدخولها فی ا لمشاعر ، ورجوعها إلی الله تعا لیٰ ؛ فإنّ ا لخانات وا لمدارس وا لأوقاف علی ا لجهات وا لعناوین ، لیس شیء منها من مشاعر الله تعا لیٰ .
وکیف کان : یرد علیـه فی مثل ا لمساجد وا لمشاهد ا لمشرّفـة : مضافاً إلیٰ مخا لفـة ذلک لارتکاز ا لمتشرّعـة ، أنّ ا لواقف فی ا لمساجد ـ وتلحق بها ا لخانات ، وا لمدارس ، وما جعلها لانتفاع خاصّ ـ قصر جمیع آثار ا لملک فی ذلک ، وا لشارع ا لأقدس أنفذه بقولـه علیه السلام : «ا لوقوف تکون علیٰ حسب ما یوقفها أهلها» .
فکما أنّ ا لوقف علیٰ جهـة أو عنوان ؛ بجعل ا لواقف ، وإنفاذ ا لشرع ، لایتعدّیٰ إلیٰ غیر ا لمجعول ، کذلک قصر ا لمنافع علیٰ منفعـة خاصّـة ـ کسکنی ا لطلبـة ، ونزول ا لمارّة . . . ونحو ذلک ـ وإنفاذ ا لشارع ا لأقدس یسقط سائر ا لمنافع .
فلا منفعـة للمسجد غیر ا لعبادة فیها ، وا لانتفاعات ا لمتداولـة منها ، کا لقضاء ، ونشر ا لأحکام ، بل وا لسکنیٰ بنحو لاتزاحم ا لصلاة ؛ ممّا جرت ا لسیرة علیها ، ودلّت ا لأدلّـة علیٰ جوازها ، وأ مّا ا لمنافع الاُخر فساقطـة عنها وعن أشباهها ؛ من ا لمدارس وا لخانات .
ولاینبغی توهّم : أنّ لازم قصر ا لانتفاع ا لخاصّ للموقوف علیهم ، بقاء سائر ا لمنافع منحازة للواقف ؛ فإنّ ذلک ضروریّ ا لبطلان .
فلو وقف محلاًّ للتدریس أو للمکتبـة . . . أو نحو ذلک ، فکما لایجوز ا لتعدّی عن جعلـه ، لایجوز إجارتـه ولو مع عدم ا لانتفاع ا لخاصّ وتعذّره ؛ لأنّ اختصاص ا لوقف بجهـة خاصّـة ، یجعل ا لعین مسلوبـة ا لمنفعـة بحسب جعلـه وإنفاذ ا لشرع .
وأغرب ممّا ذکر ا لتوجیـه ا لمتقدّم ؛ فإنّ ضعفـه ممّا لایخفیٰ ، ضرورة أنّ جهـة ا لمسجدیّـة فی ا لمساجد ، لیست فی ا لخارج غیر حیثیّـة ا لوقف ؛ فإنّ ا لمسجد بما هو مسجد وقف ، لا مسجد ووقف ، فا لمسجد أحد مصادیق ا لوقف ، وا لمصداق عین ا لعنوان فی ا لخارج ، لا أمر منحاز عنـه لـه حکم خاصّ ، وا لانحلال ا لعقلیّ غیر مفید .
فلو کان ا لأمر کما زعمـه ، لزم منـه جواز إجارة بیت الله ا لحرام وا لمساجد مع عدم ا لمزاحمـة للحاجّ وا لمصلّی ؛ فإنّ ا لإجارة واقعـة علی ا لوقف ا لعامّ ، وا لمقتضی فیها ـ علیٰ زعمـه ـ موجود ، وعنوان «بیت الله » وکذا «ا لمسجد» غیر مانع ، وإلاّ لم تجز ا لإجارة حتّیٰ مع عدم إمکان الانتفاع مادام ا لعنوان باقیاً ، وإنّما
ا لمانع ا لمزاحمـة للحاجّ وا لمصلّی .
وعلیـه فلابدّ من ا لقول : بصحّـة إجارتهما عند عدم ا لمزاحمـة ، أو بنحو لاتزاحمهما ، کالإجارة لوضع ا لأمتعـة علیٰ رفوفهما ، وهو ـ کما تریٰ ـ ممّا لاینبغی ا لتفوّه بـه .
ودعویٰ : أنّ عنوان «ا لمسجدیّـة» فی ا لمسجد ا لمتروک ، غیر مانع ، بخلاف غیره ، رجم با لغیب ، وا لتحقیق ما عرفت .