المطلب الأوّل فی المهمّ ممّا استدلّ به الأشعری علی مطلوبه
فصل : فی ذکر بعض الشبهات الواردة وجوابها
تنبیه: حول قاعدة «الشیء ما لم یجب لم یوجد»
نسخه چاپی | ارسال به دوستان
برو به صفحه: برو

پدیدآورنده : خمینی، روح الله، رهبر انقلاب و بنیانگذار جمهوری اسلامی ایران، 1279 - 1368

محل نشر : تهران

ناشر: مؤسسه تنظیم و نشر آثار امام خمینی (س)

زمان (شمسی) : 1387

زبان اثر : عربی

تنبیه: حول قاعدة «الشیء ما لم یجب لم یوجد»

تنبیه

‏ ‏

‏إنّ هاهنا نکتـة لعلّها أقرب إ لیٰ بعض ا لأفهام لدفع ا لشبهـة وهی‏‎ ‎‏أنّ ا لنفس فی ا لأفعال ا لخارجیـة ا لصادرة منها لمّا کان توجّهها‏‎ ‎‏الاستقلالی إ لیها وتکون ا لمبادی من ا لتصوّر إ لی ا لعزم وا لإرادة‏‎ ‎‏منظوراً بها ؛ أی بنحو ا لتوسّل إ لی ا لغیر وبنعت ا لآلیّـة لم تکن متصوّرة‏‎ ‎‏ولامرادة ولا مشتاقاً إ لیها با لذات بل ا لمتصوّر وا لمراد وا لمشتاق‏‎ ‎‏إ لیـه هو ا لفعل ا لخارجی الذی یتوسّل بها إ لیـه ، فلامعنیٰ لتعلّق‏‎ ‎‏ا لإرادة با لإرادة ولو فرض إمکانـه ؛ لعدم کونها متصوّرة ولا مشتاقاً‏‎ ‎‏إ لیها ولامعتقداً فیها ا لنفع فتدبّر .‏

‏ ‏

[ حول قاعدة : الشیء ما لم یجب لم یوجد]

‏ ‏

ومن ا لإشکا لات فی ا لمقام :‏ أ نّـه من ا لمقرّر فی ا لفلسفـة أنّ‏‎ ‎‏ا لشیء ما لم یجب لم یوجد ، ووجوب ا لشیء ضرورة تحقّقـه وامتناع‏‎ ‎

‏لا تحقّقـه ، فحینئذٍ یکون صدور ا لفعل عن ا لفاعل واجب ا لتحقّق ،‏‎ ‎‏وما کان کذلک یکون ا لفاعل مضطرّاً فی إیجاده ملجأ فی فعلـه . وقد‏‎ ‎‏فصّل جمع من ا لمتکلّمین‏‎[1]‎‏ بین ما یصدر عن ا لفاعل ا لمختار فمنعوا‏‎ ‎‏ا لقاعدة لئلاّ ینسدّ باب إثبات ا لاختیار للواجب ، وبین غیره لئلاّ ینسدّ‏‎ ‎‏باب إثبات ا لصانع تعا لی ، فکأ نّهم بنوا جریان ا لقاعدة ا لعقلیّـة علی‏‎ ‎‏أهوائهم لا علی ما ساق إ لیـه ا لبرهان ، فکأنّ ا لنتائج دعتهم إ لیٰ قبول‏‎ ‎‏ا لبراهین لا هی هدتهم إ لی ا لنتائج . فانظر ماذا تریٰ !‏

‏وکان ا لأولیٰ وا لأجدر ترک ا لتعرّض لأقوا لهم ، لکن لمّا اغترّ‏‎ ‎‏بقولهم بعض ا لأعیان من أهل ا لتحقیق ‏‏رحمه الله‏‎[2]‎‏ وتبعـه غیره من غیر‏‎ ‎‏تدقیق ، دعانا ذلک إ لی تعرّض إجما لی لمعنی ا لقاعدة فنقول :‏

ا لتحقیق‏ أ نّها قاعدة تامّـة مبرهنـة مؤسّسـة علی ا لأوّلیّات‏‎ ‎‏کلّیّـة عامّـة لجمیع ا لممکنات وا لحوادث ا لذاتـیّـة وا لزمانـیّـة‏‎ ‎‏ـ صدرت من فاعل مختار أو لا غیر مصادمـة لاختیار ا لفاعل‏‎ ‎‏ا لمختار .‏

‏ ‏


أمّا کونها تامّـة عامّـة‏ فیتّضح بعد ذکر اُصول :‏

ا لأوّل :‏ إنّ کلّ ما یتعقّل ویتصوّر إمّا ضروری ا لتحقّق أو ضروری‏‎ ‎‏ا للاّتحقّق أو لا ضروری ا لتحقّق وا للاّتحقّق . ا لأوّل هو ا لواجب ،‏‎ ‎‏وا لثانی ا لممتنع ، وا لثا لث ا لممکن . وا لتقسیم بینها حاصر دائر بین‏‎ ‎‏ا لنفی وا لإثبات ، ولایعقل قسم آخر للزوم اجتماع ا لنقیضین أو‏‎ ‎‏ارتفاعهما .‏

‏وهذا ا لتقسیم بحسب مقایسـة ذات ا لشیء ومفهومـه ، وأمّا‏‎ ‎‏بحسب نفس ا لأمر فکلّ شیء ممکن إمّا واجب ا لتحقّق أو ممتنعـه ؛‏‎ ‎‏لأنّ علّتـه ا لتامّـة إمّا محقّقـة فیجب تحقّقـه وإلاّ لم تکن تامّـة ، أو‏‎ ‎‏غیر محقّقـة فیمتنع وإلاّ ما فرض علّـة لیس بعلّـة وسیأتی بیانـه ، ولا‏‎ ‎‏ثا لث لهما بحسب نفس ا لأمر ، فحینئذٍ کلّ ما خرج عن أحد ا لقسمین‏‎ ‎‏دخل فی ا لقسم ا لآخر .‏

ا لثانی :‏ إنّ کلّ ممکن با لنظر إ لیٰ ذاتـه وماهیّـتـه ، نسبـة‏‎ ‎‏ا لوجود وا لعدم إ لیـه علی ا لسواء لایترجّح إحداهما علی الاُخریٰ ،‏‎ ‎‏ویستحیل ثبوت ا لأولویّـة ا لذاتیّـة لها سواء کانت با لغـة حدّ‏‎ ‎‏ا لوجوب کافیـة فی ا لوجود أو لا . أمّا الاُولیٰ فواضحـة للزوم انقلاب‏‎ ‎‏ا لممکن با لذات إ لی ا لواجب با لذات ، وأمّا ا لثانیـة فلأنّ ا لممکن قبل‏‎ ‎‏تحقّقـه وبا لنظر إ لیٰ ذاتـه وماهیّـتـه لیس بشیء بل هو اعتبار محض‏‎ ‎

‏واختراع عقلی صرف ؛ فإنّ ما لیس بموجود لیسٌ محضٌ لایمکن أن‏‎ ‎‏یثبت لـه شیء حتّیٰ ذاتـه وذاتیّاتـه ، وا لأولویّـة خصوصیّـة‏‎ ‎‏وجودیّـة تجعل ا لماهیّـة أقرب إ لی ا لتحقّق ، وما لیس بموجود ـ أی‏‎ ‎‏معدوم صرف لایعقل فیـه ثبوت أمر عدمی لـه فضلاً عن ثبوتی‏‎ ‎‏ولایتصوّر فیـه اقتضاء رأساً ، وا لماهیّـة من حیث هی لیست إلاّ هی‏‎ ‎‏بل فی حال ا لعدم لیست هی هی .‏

ا لثا لث :‏ بعدما لم یکن للممکن اقتضاء ذاتی مطلقاً وتکون‏‎ ‎‏نسبـة ا لوجود وا لعدم إ لیـه علی ا لسواء ، لابدّ فی تحقّقـه ووجوده من‏‎ ‎‏علّـة مؤثّرة ، وهی إمّا أن تسدّ جمیع ا لأعدام ا لممکنـة علیـه أو لا .‏‎ ‎‏فعلی ا لثانی لایمکن أن یصیر موجوداً للزوم ا لأولویّـة ا لذاتیّـة و (أو ـ‏‎ ‎‏خ ل) موجودیّـة ا لمعلول بلا علّـة مؤثرة وا لترجّح (ا لترجیح ـ خ ل)‏‎ ‎‏بلا مرجّح وهو اجتماع ا لنقیضین .وبعبارة اُخریٰ لو کان لموجودیّتـه‏‎ ‎‏أ لف شرط فوجد ا لجمیع إلاّ واحد منها لایمکن أن یصیر موجوداً للزوم‏‎ ‎‏ا لخلف ، بل مع عدم واحد من شروطـه لایمکن أن یصیر أولیٰ‏‎ ‎‏با لوجود ؛ لأ نّـه بَعدُ فی حال ا لعدم فلایعقل اتّصافـه بصفـة وجودیّـة‏‎ ‎‏وجهـة اقتضائیّـة ولو غیریّـة .‏

‏وبعد تحقّق جمیع ما یحتاج إ لیـه فی وجوده وحصول علّتـه‏‎ ‎‏ا لتامّـة لایمکن عدم تحقّقـه ؛ للزوم ا لخلف وسلب ا لشیء عن‏‎ ‎

‏نفسـه ، فلابدّ أن ینضمّ إ لیها ما یخرج ا لممکن عن ا لامتناع ا لوقوعی‏‎ ‎‏وهو بتمامیّـة علّتـه . فإذا خرج من ا لامتناع ، ینسلک فی ا لوجوب ؛‏‎ ‎‏لامتناع ا لواسطـة بینهما بحسب متن ا لواقع ؛ لأ نّـه إمّا بقی بَعدُ علی‏‎ ‎‏حا لـه ا لأوّل ولم تؤثّر ا لعلّـة فیـه وهذا عین الامتناع ، وإمّا أثّرت فیـه‏‎ ‎‏وسدّت ا لأعدام ا لممکنـة علیـه وهذا عین ا لوجوب ا لغیری . وهذا‏‎ ‎‏ا لوجوب لمّا لم یکن ذاتیّاً فلامحا لـة یکون من قبل ا لعلّـة وإیجابـه .‏‎ ‎‏فإذا اعتبر فی جانب ا لعلّـة وقیس إ لیها یکون ا لعلّـة فاعلاً موجباً‏‎ ‎‏ـ با لکسر وهو ا لوجوب ا لسابق ، وإذا اعتبر فی جانب ا لمعلول‏‎ ‎‏وقیس إ لیـه یکون ا لمعلول واجباً وهو ا لوجوب ا للاحق ، فا لفاعل أو‏‎ ‎‏ا لعلّـة أوجب ا لشیء فأوجده ، وا لفعل أو ا لمعلول وجب فوجد .‏

إذا عرفت ما ذکر یتّضح لک‏ أنّ ا لقاعدة تامّـة مؤسّسـة علی‏‎ ‎‏ا لأوّلیّات وعامّـة لجمیع ا لماهیّات ا لممکنـة ویکون ا لممکن ـ أیّ‏‎ ‎‏ممکن کان من طباع ذاتـه ذلک سواء کان أثر ا لجاعل ا لمختار أو لا ،‏‎ ‎‏ولایکون موضوع ا لقاعدة ا لمبرهنـة ممکناً خاصّاً ، وفعل ا لفاعل‏‎ ‎‏ا لمختار ممکن أیضاً یأتی فیـه ما ذکر ، ولایعقل تخصیصها إلاّ علی‏‎ ‎‏أهواء بعض أصحاب ا لجدل . هذا حال ا لقاعدة .‏

وأمّا عدم منافاتها لمختاریّـة ا لفاعل ا لمختار‏ فهو أیضاً بمکان‏‎ ‎‏من ا لوضوح بعد فهم مفادها ؛ فإنّ مقتضی ا لقاعدة أنّ ا لممکن ما‏‎ ‎

‏لم یصر واجباً لم یصر موجوداً ، وا لعلّـة ا لتامّـة باقتضاءها أوجب‏‎ ‎‏ا لمعلول فأوجده ، فأیّـة منافاة بین هذا وبین کون ا لفاعل مختاراً ؛ لأنّ‏‎ ‎‏ا لفاعل ا لمختار بإرادتـه واختیاریّـتـه وفعّا لیّـتـه أوجب ا لفعل‏‎ ‎‏فأوجده ، وهذا یؤکّد اختیاریّـة ا لفاعل . وبعبارة اُخریٰ أنّ ا لعلّـة‏‎ ‎‏موجبـة ـ با لکسر فإذا کان ا لموجد فاعلاً مختاراً یکون موجباً‏‎ ‎‏ـ با لکسر باختیاره . وا لمتکلّم لعدم استشعاره بموضوع ا لقاعدة‏‎ ‎‏وبرهانها ومفادها زعم أنّ ا لإیجاب وا لوجوب ینافیان ا لاختیار مع أنّ‏‎ ‎‏ا لإیجاب با لاختیار لایعقل أن یصیر علّـة ومنشأً للاضطرار ،‏‎ ‎‏وا لوجوب ا لإلجائی من قبل ا لعلّـة یستحیل أن یؤثّر فیها .‏

وممّا ذکرنا یعلم‏ أنّ جواز ا لترجیح بلامرجّح أو عدم جوازه غیر‏‎ ‎‏مربوط بمفاد ا لقاعدة وصحّتها ؛ فإنّـه لو سلّمنا جوازه أو منعناه ،‏‎ ‎‏لاتنهدم بهما ا لقاعدة ؛ لأنّ معنیٰ جوازه أنّ ا لفاعل یجوز أن یختار أحد‏‎ ‎‏طرفی ا لفعل من غیر أن یکون فیـه ترجیح بل یختار أحد‏‎ ‎‏ا لمتساویـین من جمیع ا لجهات ، فإذا اختار أحدهما أراده وأوجده .‏‎ ‎‏فا لفاعل بعد اختیاره أحد ا لمتساویـین بلامرجّح موجب ـ با لکسر-‏‎ ‎‏ لوجوده فموجدٌ ، فیکون اختیار ا لفعل بلاترجیح أو مع ترجیح مقدّماً‏‎ ‎‏علی ا لإرادة ، وبعد الاختیار تکون ا لنفس فاعلاً موجباً ـ با لکسر-‏‎ ‎‏ للإرادة ، وبها تکون فاعلاً موجباً ـ با لکسر لتحریک ا لعضلات ،‏‎ ‎

‏وبتوسطها لتحریک ا لأعیان ا لخارجـة . فامتناع ا لترجیح بلامرجّح‏‎ ‎‏لایجعل ا لفاعل مضطرّاً وموجباً ـ با لفتح کما أنّ جوازه لایجعلـه‏‎ ‎‏مختاراً . فا لفاعل ا لمختار علّـة باختیاره وإرادتـه للفعل بعد حصول‏‎ ‎‏ا لمقدّمات الاُخر ، وموجب ـ با لکسر للفعل مع کونـه مختاراً .‏

نعم ، هنا نکتـة اُخریٰ‏ قد نبّهنا علیها ینبغی تذکارها وهو أنّ‏‎ ‎‏ا لعلّـة ا لمستقلّـة ا لتامّـة ما تسدّ بذاتها جمیع ا لأعدام ا لممکنـة علی‏‎ ‎‏ا لمعلول وبهذا ا لمعنیٰ لم یکن ولایکون فی نظام ا لوجود ما یستقلّ‏‎ ‎‏با لعلّیـة وا لتأثیر إلاّ ذات واجب ا لوجود ـ علت قدرتـه ، وغیره‏‎ ‎‏تعا لی من سکّان بقعـة ا لإمکان لیس لـه هذا ا لشأن ؛ لکونهم فقراء إ لی‏‎ ‎‏الله  ‏‏«‏وَالله ُ هُوَ الْغَنِیُّ الْحَمِیدُ‏»‏‏ ولعلّ فی توصیف ا لغنیّ با لحمید فی‏‎ ‎‏ا لمقام فی ا لقرآن ا لکریم‏‎[3]‎‏ إشارة لطیفـة إ لیٰ ما أشرنا سابقاً‏‎[4]‎‏ من أنّ‏‎ ‎‏ا لمحامد کلّها من مختصّات ذات ا لواجب ا لغنیّ ا لذی بغناه ا لذاتی‏‎ ‎‏أعطیٰ کمال کلّ ذی کمال وجمال کلّ ذی جمال . فمبادی ا لمحامد‏‎ ‎‏وا لمدائح منـه وإ لیـه فـ ‏‏«‏هُوَ الْأَوَّلُ وَالاْخِرُ وَالظّـٰاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِکُلِّ‎ ‎شَیْءٍ عَلِیمٌ‏»‏‎[5]‎‏ .‏

‎ ‎

  • )) شرح ا لمقاصد 4 : 229 ـ 231 ، شرح ا لمواقف 8 : 150 ـ 151 .
  • )) اُنظر منتهی الاُصول 1 : 124 .
  • )) فاطر (35) : 15 .
  • )) تقدّم فی ا لصفحـة 32 .
  • )) ا لحدید (57) : 3 .