المطلب العاشر هل متعلّق الأوامر والنواهی الطبایع أو الأفراد؟
ا لحقّ أنّ ا لأوامر وا لنواهی متعلّقـة با لطبائع دون ا لأفراد ، لابمعنیٰ تعلّقها بنفس ا لطبائع ؛ أی ا لماهیّات من حیث هی ، فإنّها لیست إ لاّ هی ، لا مطلوبـة ولا لامطلوبـة ، وا لنقائض کلّها منتفیـة عن مرتبـة ذاتها ، ولایمکن إثبات شیء لها ـ من حیث ذاتها ـ إ لاّ ذاتها وذاتـیّاتها ، بل بمعنیٰ أنّ ا لإرادة وا لطلب بحسب مقام ا لثبوت وا لإثبات إنّما تـتعلّق بإیجاد نفس ا لطبیعـة ، من غیر دخا لـة للخصوصیّات ا لمفرّدة ا لحافّـة بها فی تعلّق ا لإرادة وا لطلب وا لبعث ؛ بحیث لو فرض إمکان إیجادها مجرّدة عن کافّـة ا لخصوصیّات ا لزائدة عن أصل وجود ا لطبیعـة ، تکون تمام متعلَّق ا لإرادة وا لبعث .
وبا لجملـة : إنّ کافّـة ا لخصوصیّات ا للاّحقـة با لفرد خارجـة عن حریم تعلّق ا لإرادة وا لطلب حقیقـة .
وا لبرهان علیـه : أنّ ا لطلب من ا لحقائق ا لتی لها إضافـة إلی ا لطا لب إضافةً صدوریّـة ، وإلی ا لمطلوب منـه ، وإلی ا لمطلوب ، ولایمکن تحقّقها مجرّدة عن تلک ا لإضافات :
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 201 أمّا ا لمطلوب منـه فلابدّ من وجوده فی ا لخارج ، حتّیٰ تـتعلّق بـه إضافـة ا لطلب ؛ لعدم تعقّل ا لطلب من ا لمعدوم .
وأمّا ا لمطلوب فلایمکن أن یکون طرفَ ا لإضافـة بوجوده ا لخارجی ؛ للزوم تحصیل ا لحاصل ، ولزوم عدم تعلّق ا لتکلیف با لعصاة ، أو تعلّقـه با لمعدوم إذا لم یتحقّق ا لمطلوب ، وهو محال ، ولایمکن أن لایکون متحقّقاً أصلاً ـ لا فی ا لخارج ولا فی غیره ـ لاستحا لـة تعلّق ا لإضافـة با لمعدومات ، فلابدّ لـه من وجود ذهنیّ ، لکن لابما أ نّـه وجود ذهنیّ متقیّد بـه ؛ لاستحا لـة تحقّقـه فی ا لخارج مع ذاک ا لتقیّد ، فلا محا لـة یکون ا لمطلوب موجوداً فی ا لذهن ، وا لطا لب لایریٰ إ لاّ نفسـه ، لا موجودیّتـه فی ا لذهن ، ویتعلّق ا لطلب با لموجود ا لذهنی ، أی ا لطبیعـة ا لمتحقّقـة فی ا لذهن ؛ لیجعلها ا لمکلّف موجودة فی ا لخارج .
فتحصّل ممّا ذکرنا : أنّ ا لطلب قد تعلّق با لطبیعـة ا لمتحقّقـة فی ا لذهن بحسب ا لواقع ، وإن کان ا لطا لب غیر ناظر إلیٰ تحقّقها ا لذهنی ، فطلب من ا لمکلّف إیجادها فی ا لخارج ، فإذا کان کذلک فلایمکن أن یتعلّق ا لطلب با لعوارض ا لخارجیّـة ا لحافّـة با لطبیعـة فی ا لخارج ؛ لأ نّها بوجودها ا لخارجی غیر موجودة فی ا لذهن ، ولایمکن أن تکون نفس ا لطبیعـة ا لموجودة فی ا لذهن مرآة للحاظها ؛ فإنّ ا لطبیعـة إنّما تکون مرآة للحاظ ما بـه ا لاشتراک بین ا لأفراد ـ أی نفس ا لطبیعـة ا لمتحقّقـة ـ لا مرآة لما بـه ا لامتیاز بینها ؛ لأ نّها مباینـة مع ا لطبیعـة ، ولایمکن أن یکون ا لمباین مرآة للمباین ، فلایمکن تعلّق ا لإرادة وا لأمر بغیر وجود ا لطبیعـة ؛ أی ا لوجود ا لسِّعیّ منها .
ثمّ إنّ ا لمحقّق ا لخراسانی رحمه الله فصّل بین متعلّق ا لطلب ومتعلّق ا لأمر ؛ بأنّ ا لأوّل هو وجود ا لطبیعـة ، فا لطلب یتعلّق با لوجود ا لمتعلّق با لطبیعـة ، لا ا لطبیعـة من حیث هی ، فإنّها لیست إ لاّ هی . وأمّا ا لأمر فهو متعلِّق با لطبیعـة ؛ لأ نّـه هو
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 202 طلب ا لوجود .
وفیـه : ـ مضافاً إلیٰ ما مرّ من أنّ ا لأمر وا لطلب شیء واحد ـ أ نّـه یمکن أن یقال : إنّ ا لطلب متعلّق بنفس ا لطبیعـة بحسب ا لعرف وا لمتفاهم من ا لألفاظ ، فتکون نفس ا لمادّة ا لمتعلَّقـة لهیئـة ا لأمر فی قولنا : «اضرب» و «انصر» متعلَّقـة للطلب حقیقـة عند ا لعرف ، ویکون ا لبعث وا لإغراء متوجّهاً إلیها ، ولایلزم منـه أن تکون ا لطبیعـة ـ ا لتی هی مَقسم للموجود وا لمعدوم ـ متعلَّقـة للطلب ، حتّیٰ لایدلّ ا لأمر علیٰ إیجادها خارجاً ؛ وذلک لأنّ ا لطبیعـة لاتکون حقیقـة مقسماً للموجود وا لمعدوم ؛ حتّیٰ یکون ا لمعدوم أیضاً هو ا لطبیعـة ا لمتّصفـة با لمعدومیّـة ، بل ا لمعدوم لیس بشیء ، وهو باطل محض ، بل ا لطبیعـة لاتکون طبیعـة إ لاّ فی ظرف ا لوجود ، وکذلک کلّ ا لماهیّات وا لطبائع لاتصدق نفسها علیٰ نفسها إ لاّ فی ظرف ا لوجود ، فلایکون ا لمعدوم بما أ نّـه معدوم مبعوثاً إلیـه ، فا لطلب إنّما یتعلّق با لطبیعـة نفسها عرفاً ، لکن تحصیل ا لطبیعـة وإطاعـة أمر ا لمولیٰ لایمکن إ لاّ بإیجادها خارجاً ، لابأن یکون ا لطلب متعلّقاً با لوجود ، بل بأن یکون متعلّقاً بنفس ا لطبیعـة ، لکن کون ا لطبیعـة طبیعـة لایمکن إ لاّ با لوجود وفی ظرفـه ، وما لیس بموجود یکون «لیساً» صِرفاً ، لایصدق علیـه ذاتـه وذاتـیّاتـه .
وأمّا قضیّـة أصا لـة ا لوجود وا لماهیّـة فقضیّـة عقلیّـة فلسفیّـة ، خارجـة عن متفاهم ا لعرف ومدا لیل ا لألفاظ ، وهی أمر دقیق غیر مربوط بهذا ا لوادی .
وأمّا ما یقال : من أنّ ا لماهیّـة من حیث هی لیست إ لاّ هی فهو مطلب صحیح ، لکن معناه أنّ ا لماهیّـة من حیث ذاتها لاتکون مصداقاً لشیء ولایحمل
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 203 علیها شیء غیر ذاتها وذاتـیّاتها ، لا أ نّها لایمکن أن تکون طرفاً لإضافـة ؛ فإنّ طرفیّتها للإضافـة غیر حمل شیء علیها ، فا لماهیّـة من حیث هی یمکن أن تکون متعلَّقـة للأمر ؛ أی طرفاً لإضافـة ا لطلب ، فینتزع منها ا لمطلوبیّـة باعتبار تلک ا لإضافـة ا لتی هی خارجـة عن ذاتها من حیث هی ، فذاتها من حیث هی لیست إ لاّ هی ، لکنّها تصیر طرفاً للإضافـة ، وباعتبار طرفیّتها لها یحمل علیها : أ نّها مطلوبـة ، وهذا أمر خارج عن ذاتها ، کما عرفت .
فتحصّل من ذلک : أنّ ا لأمر وا لطلب ، ـ وهما شیء واحد ـ إنّما یتعلّق با لطبیعـة لابا لوجود .
وا لحمد للّه أوّلاً وآخراً .
کتابلمحات الاصول: افادات الفقیه الحجة آیة الله العظمی البروجردیصفحه 204