فی أنحاء قصد التوصّل وأحکامها :
بقی الکلام فی بیان ما یُتصوّر من أنحاء أخذ قصد التوصُّل فی وجوب المقدّمة، وأنّها ممکنة فی مقام الثبوت والتصوّر أو لا:
فنقول : له احتمالات :
أحدها : أن یکون قصد التوصُّل شرطاً فی وجوب المقدّمة واتّصافها به.
الثانی : أنّ قصد التوصُّل ظرف للوجوب؛ أی أنّ المقدّمة واجبة فی ظرف حصول القصد المذکور، نظیر ما ذکره صاحب المعالم: من أنّ وجوب المقدّمة فی حال قصد إیجاد ذی المقدّمة.
الثالث : أنّه معتبر فی الواجب المأمور به، وأنّ الأمر الغیری متعلّق بالستر ـ مثلاً ـ مع قصد الإیصال معاً.
أمّا الأوّل : فقد اُورد علیه ما اُورد علیٰ صاحب المعالم : من أنّ مرجعه إلیٰ اشتراط وجوب الشیء ـ أی المقدّمة ـ بإرادة إیجاده؛ ضرورة أنّ قصد التوصُّل إلیٰ ذی المقدّمة ملازم لقصد إیجاد المقدّمة، فمرجع اشتراط قصد التوصّل إلیٰ ذی المقدّمة
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 71 فی وجوب المقدّمة إلیٰ اشتراطه فی وجوب المقدّمة، ولا معنیٰ له.
وأمّا الثانی : فکذلک، بل أسوء حالاً منه، فإنّ لقصد إیجاد ذی المقدّمة فی الأوّل نحو تقدّم علیٰ قصد إیجاد المقدّمة، بخلافه علی الثانی.
وأمّا الثالث : فهو ـ أیضاً ـ مستحیل بناءً علیٰ ما ذکره فی «الکفایة» : من أنّ الإرادة لیست بالاختیار، وإلاّ لتسلسلت؛ لاشتراط قدرة المکلَّف علی الإتیان بمتعلّق الأمر، والإرادة لیست کذلک، فلا یمکن التکلیف بها.
لکن لو قلنا بأنّ الإرادة ـ أیضاً ـ بالاختیار ـ کما هو الحقّ ـ فلا إشکال عقلیّ علیه.
وأمّا أنّ الإرادة اختیاریّة مطلقاً فلأنّه لو لم یُرد أحد الإقامة فی بلد ـ مثلاً ـ وقال له آخر: «لو أقمتَ فی هذا البلد أعطیتُک کذا»، فإرادة الإقامة فیه لأجل حبّه وشوقه إلیٰ ما وعده أوّلاً وبالذات، وإلیٰ الإقامة فیه ثانیاً وبالعرض، فقد أراد بالاختیار الإقامة فی ذلک البلد.
وحینئذٍ فالصورة الثالثة غیر مستحیلة، لکن یرد علیها الإشکال المتقدّم من «الکفایة»: من أنّه لا یعتبر فی الواجب إلاّ ما له دخْلٌ فیه وملاکٌ للوجوب، ولا یعقل اشتراطه بما لا دخل له فیه.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 72