المبحث الثانی عدم إمکان صیرورة الموسّع مضیّقاً
بقی الکلام : فی أنّه هل یصیر الموسّع مضیّقاً لو أخّره إلیٰ أن بقی من الوقت بمقدار فعله أو لا؟
فنقول : إذا تعلّق الأمر بطبیعة فی وقت موسّع، ولها أفراد، فالمکلّف مخیّر فی الإتیان بأیّ فرد منها، وهذا التخییر عقلیّ؛ لأنّ المفروض أنّ خصوصیّة کلّ واحد من الأفراد غیر دخیلة فی المطلوب منها، وإلاّ لم یتعلّق الأمر بنفس الطبیعة، ومع دخل کلّ واحدة من الخصوصیّات فیه مع تعلّق الأمر بها یصیر الواجب مضیّقاً، فالشارع من حیث إنّه شارع لا یجوز له أن یخیِّر العبد بین أفراد الطبیعة التی أمر بها، نعم یصحّ له ذلک بما هو أحد أفراد العقلاء. نعم لو فرض أنّ خصوصیّة کلّ فرد دخیلة فی الغرض فلابدّ أن یتعلّق بکلّ واحدٍ من الأفراد أمرٌ؛ لتعدُّد المحصِّل له، وحینئذٍ فلو خیَّره الشارع بینها کان التخییر شرعیّاً، وما نحن فیه لیس کذلک.
إذا عرفت ذلک نقول : لو أخّر المکلّف الواجب الموسّع حتّیٰ بقی من الوقت مقدار فعله فقط عمداً أو نسیاناً، فلاریب فی أنّه لا یعقل أن یصیر مضیّقاً:
أمّا أوّلاً : فلأنّ الأمر فی الموسّع ـ کما عرفت ـ متعلّق بالطبیعة فی ذلک وقت المحدود بحدّین، کالصلاة من دلوک الشمس إلیٰ غروبها، وهذا الفرد الواقع فی آخر الوقت من مصادیق تلک الطبیعة؛ بداهة أنّه یصدق علیه أنّه صلاة واقعة بین الحدّین، کسائر أفرادها فی ذلک الوقت.
وثانیاً : عرفت أنّ الأمر فی الواجب المُوسَّع متعلّق بالطبیعة، ولا دخل لخصوصیّات أفرادها فی الغرض والمصلحة، بخلاف الواجب المضیّق، فإنّ خصوصیّة
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 188 کلّ واحد من الأفراد دخیلة فیه، والأمر فیها ـ أیضاً ـ متعلّق بالفرد الخاصّ، فلو صار الواجب الموسّع مضیّقاً بضیق وقته لزم التغییر فی إرادة الشارع، وتصیر مُتعلّقة بالفرد الخاصّ بعدما کانت متعلّقة بالطبیعة، وهو غیر معقول.
فظهر أنّ الموسّع لا یصیر مُضیّقاً بضیق وقته، لکن العقل یحکم بلزوم الإتیان بخصوص هذا الفرد، لا من جهة أنّه مضیّق، بل من جهة أنّ الطبیعة المأمور بها انحصرت فی هذا الفرد، ولا فرد لها غیره فی الفرض.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 189