المبحث الأوّل فی الواجب المطلق والمشروط
قد یقسَّم الواجب إلی المطلق والمشروط: اعلم أنّ وصفی الإطلاق والاشتراط للواجب إضافیّان، فکلّ قید إذا لوحظ الواجب مقیّداً ومشروطاً به فهو المشروط، وإلاّ فهو المطلق، فیمکن اتّصاف واجب بکلا الوصفین باعتبارین، وهذا ممّا لا کلام فیه، إنّما الکلام فی أنّ القیود المأخوذة فی الواجب المشروط هل هی للمادّة فقط، أو للهیئة فقط، أو أنّها مختلفة، فبعضها قید للمادّة، وبعضها الآخر للهیئة؟ فلابدّ أوّلاً من ملاحظة مقام الثبوت، ثمّ مقام الإثبات، فنقول:
أمّا مقام الثبوت فإنّ القیود مختلفة؛ لأنّه قد یتعلّق غرض المولی بشیء کشرب الماء لرفع العطش ـ مثلاً ـ فتتعلّق إرادته بأمر عبده بإتیان الماء، ثمّ یبعثه نحوه، فالهیئة والمادّة فیه کلاهما مطلقان، والمأمور به المحصِّل لغرضه هو إتیان الماء مطلقاً.
وقد یتعلّق غرضه بإحضار الماء فی ظرف مخصوص، لا لمجرّد الشرب لرفع العطش، بل ریاءً للناس الحاضرین عنده لا مطلقاً.
وقد یتعلّق غرضه بفعل، کإنقاذ ابنه الغریق مطلقاً، لکنّه مقیّد عقلاً بالقدرة علیه، ولیست المادّة، وهی الإنقاذ مقیّدة بالقدرة؛ لعدم دخلها فی مصلحته، وکذا علم العبد بها، وقد یمنع مانع عن البعث، کظالم یخاف منه، وقد یستحیل أخذ القید للمادّة. هذا فی مقام الثبوت.
وأمّا مقام الإثبات : فقد یقال بامتناع تقیید الهیئة، وأنّه یجب إرجاع القیود إلیٰ
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 24 المادة؛ لوجوه:
الأوّل : أنّ مفاد الهیئة من المعانی الحرفیّة، وهی غیر قابلة للتقیید؛ لعدم استقلالها فی اللحاظ.
الثانی : أنّ الموضوع له فی الهیئات خاصّ وجزئی ولا یمکن تقیید الجزئی.
الثالث : أنّ التقیید مستلزم للنسخ لو کان للهیئة، فإنّه لو أمر بشیء خاصّ جزئیّ، ثمّ قیّده بقید، فهو مستلزم للإعراض عمّا أطلق أوّلاً، ومرجعه إلیٰ الوجه الثانی.
وکلّ هذه الوجوه مدخولة :
أمّا الوجه الأوّل : فلأنّ تقیید المعنیٰ الحرفی ممکن جدّاً، بل لا یحتاج إلیٰ ما ذکرناه سابقاً من أنّ تقییدها إنّما هو بلحاظ معناها ثانیاً بالمعنیٰ الاسمی.
توضیح ذلک : أنّ الألفاظ حاکیة عن المعانی النفس الأمریّة فی الإخبار، سواء کانت أسماءً أو حروفاً، فإنّ قولنا: «ضرب زید عمراً یوم الجمعة أمام الأمیر» یحکی ذلک عن المعنیٰ الواقع فی نفس الأمر مع جمیع القیود والنسب، فالتقیید بهذه القیود إنّما هو فی نفس الأمر، ولیس من قِبَل المتکلّم اللافظ، فإنّه یتصوّر هذه المعانی کذلک، ثمّ یخبر عنها بهذه الألفاظ الدالّة علیها مع قیودها، ولو احتاج کلّ قید إلیٰ لحاظ المقیّد یلزم لحاظ معنیً واحد مرّات فی القیود المتعدّدة، والوجدان شاهد علیٰ خلاف ذلک. هذا فی الإخباریّات.
وأمّا الإنشائیّات فهی ـ أیضاً ـ کذلک أو قریب منها؛ لأنّ المُنشِئ یتصوّر المعنیٰ
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 25 مع قیوده جمیعاً، ثمّ ینشئه بالألفاظ الدالّة علیها، وتعدّد القیود لا یحتاج إلیٰ تعدّد اللحاظ، ولا فرق فی ذلک بین المعانی الأسمیّة والمعانی الحرفیّة.
وأمّا الوجه الثانی : فقد تفصّیٰ عنه بعض : بأنّ الموضوع له فی الهیئات عامّ فلا إشکال، وعلیٰ فرض کونه خاصّاً فیها فتقیید المعنیٰ الجزئی من قبیل «ضیّق فم الرَّکیّة»؛ بأن یوجده مقیّداً، لا أنّه یطلق أوّلاً، ثمّ یقیّد؛ لیرد علیه الإشکال.
أقول : قد عرفت سابقاً أنّ الموضوع له فی الهیئات خاصّ، وحینئذٍ نقول: لاریب ولا إشکال فی إمکان تقیید المعنیٰ الجزئی، ولذا لا یجوز حمل کلام المتکلّم علیٰ شیء حتّی یأتی بجمیع قیوده.
وأمّا الوجه الثالث : فهو ـ أیضاً ـ کذلک وإذا لم یجز حمل کلام المتکلّم علیٰ شیء حتّیٰ یفرغ منه، ویأتی بجمیع قیوده فلا یلزم منه نسخ لما أطلقه أوّلاً.
وقال المحقّق العراقی قدس سره فی المقام ما حاصله : أنّ المناط فی تشخیص أنّ القید للهیئة أو المادّة وملاک التمیّز بینهما لُبّاً، هو أنّ القید إن کان دخیلاً فی اتّصاف الموضوع بالمصلحة؛ بأن لم یکن فیه بدونه مصلحة، کالحجّ بالنسبة إلی الاستطاعة، وکذا وجوب الصلاة بالنسبة إلی الدلوک؛ لعدم اتصافها بالمصلحة بدون الدلوک، فهو قید للهیئة، وإن کان دخیلاً فی فعلیّة المصلحة واستیفائها لا فی أصلها، ولا یمکن استیفاؤها بدون القید، کالطهارة والستر والاستقبال ونحوها للصلاة، فإنّها دخیلة فی فعلیّة المصلحة واستیفائها، لا فی أصلها، فهی قیود للمادة.
ثم قال: هذان القسمان موجودان فی الأوامر العرفیة أیضاً، ثمَّ فرَّع علیٰ ذلک بطلان ما نسب إلی الشیخقدس سرهمن إرجاع جمیع القیودإلیٰ المادةلأنّها لُباً علی القسمین،
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 26 ولیس أمرها بأیدینا؛ انتهی مُحصل کلامه.
وفیه ما لا یخفیٰ فی کلا الشقّین من الشرطیة :
أمّا الأوّل : فإنّه لاریب فی أنَّه قد یتعلّق الغرض بإیجاد شیء مُطلقاً، کما لو فرض أنَّ زیداً فی غیر هذه البلدة، وقال: أکرمه، أو أمر بالصلاة فی المسجد مُطلقاً، وقد یتعلّق بإکرامه لا مُطلقاً، بل لو قدم البلد، وقد یکون قدومه مبغوضاً له، لکن تعلّق غرضه بإکرامه علیٰ فرض القدوم، أو الصلاة فی المسجد لو کان لا مُطلقاً، ففی الصورة الاُولیٰ الإکرام مراد مُطلقاً یجب تحصیله ولو بتحصیل مقدّمات قدومه، وکذا فی مثال الصلاة، فمع عدم وجود المسجد یجب بناؤه، لیصلی فیه ویحصّل غرضه، فالإرادة فیهما مطلقة لا تقیید فیها، بخلاف الصورة الثانیة، فإنَّ الإرادة فیها مُقیّدة لا مطلقة، ویتصوّر هذان القسمان فیما ذکره أوّلاً فإنّ الإرادة قد تتعلّق بالحجّ مع الاستطاعة، فالإرادة فیه مطلقة یجب تحصیل الاستطاعة علیٰ فرض عدمها، وقد تتعلّق بالحجّ علیٰ تقدیر وجود الاستطاعة، فالإرادة فیه مقیّدة، فالمناط فی التقیید والإطلاق هو تقیید الإرادة وإطلاقها، فیمکن دخالة القید فی اتّصاف الموضوع بالمصلحة، مع أنّ الواجب مطلق لا مشروط، فما ذکره ـ من أنّه متیٰ کان القید دخیلاً فی اتّصاف الموضوع بالمصلحة، فالوجوب فیه مشروط ـ غیر سدید، بل لابدّ من ملاحظة الإرادة فی الإطلاق والاشتراط.
وأمّا الثانی من شقّی الشرطیة فیرد علیها :
أوّلاً : أنّ لازم ما ذکره تحقّق المصلحة فی ذات الصلاة بدون الستر والساتر مثلاً؛ لأنّ المفروض أنّها دخیلة فی فعلیّة المصلحة واستیفائها، لا فی أصل تحقّقها وهو کما تریٰ.
وثانیاً : لو سلّمنا ذلک، لکن یرد علیه: أنّه إذا کانت الإرادة مطلقة متعلّقة
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 27 بشیء له قید دخیل فی فعلیّة المصلحة واستیفائها، فالواجب مطلق لا مشروط، ولا تصل النوبة إلیٰ البحث فی أنّه قید للهیئة أو المادّة، فلو تعلّقت إرادته بشرب المسهل ـ مثلاً ـ مع المرض بنحو الإطلاق یجب أن یوجد المرض ویمرِّض نفسه مقدّمة لتحصیل المسهل الواجب، بخلاف ما لو تعلّقت إرادته به مقیّدة بالمرض؛ یعنی علیٰ تقدیر وجوده فما ذکره ـ من أنّه علیٰ فرض دخالة المصلحة فی فعلیّة المصلحة فهو قید للمادّة ـ أیضاً غیر سدید.
ثمّ إنّ الإیجاب والوجوب واحد حقیقة، والفرق بینهما بالاعتبار، فهو من حیث انتسابه إلیٰ الفاعل إیجاب، ومن حیث إنّه شیء وجوب، نظیر الإیجاد والوجود، فإذا أراد المولیٰ إیجاد شیء بعث عبده نحوه، فهنا مقدّمات: کالخطور، والتصدیق بالفائدة، والشوق، ثمّ الإرادة.
وبعد المقدّمات هنا أمران : أحدهما الإرادة المضمرة أو المظهرة، وثانیهما البعث. ولا إشکال فی أنّ الحکم ـ سواء الوضعی منه أو التکلیفی، فإنّ التحقیق: أنّ الأحکام الوضعیّة مجعولة مستقلاًّ، لا أنّها منتزعة عن الأحکام التکلیفیّة ـ عبارة عن البعث، أو المنتزع عن البعث عن إرادة، أو الإرادة المظهرة کما عن المحقق العراقی قدس سره وذلک لشهادة الوجدان وحکم العرف والعقلاء بذلک؛ أفتریٰ فی نفسک وجود الحکم بمجرّد الإرادة أو مع إظهارها، کما لو صرّح المولیٰ بوجود الإرادة له ـ مثلاً ـ من دون صدور البعث منه، حاشا وکلاّ، وإن أمکن أن یقال بوجوب تحصیل غرض المولیٰ، لکنّه لا یختصّ بصورة وجود الإرادة، بل لو علم العبد بأنّ للمولیٰ غرضاً، کإنقاذ ابنه الغریق، وهو غافل عنه، فإنّه لیس هنا إرادة من المولیٰ ولا بعث، ومع ذلک یجب علیٰ العبد تحصیل غرضه، کما مرّ مراراً.
إذا عرفت هذا فنقول : هل الوجوب فی الواجب المشروط فعلیّ قبل تحقّق
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 28 الشرط والقید، وحینئذٍ فالشرط للواجب والامتثال، لا للوجوب، أو أنّه شرط للوجوب وقبل تحقّق الشرط لا وجوب؟ قولان .
وجعل المحقّق العراقی هذا مبتنیاً علی أنّ الحکم هل هو عبارة عن الإرادة المظهرة أو البعث؟ فعلی الأوّل فالوجوب فعلیّ، بخلافه علیٰ الثانی، واختار الأوّل، وفرّع علیه فعلیّة الوجوب قبل حصول القید.
وفیه أوّلاً : أنّ الحکم ـ کما عرفت ـ عبارة عن البعث أو المنتزع عنه، لا الإرادة المظهرة.
وثانیاً : لو سلّمنا ذلک لکن تفریع فعلیّة الحکم علیه غیر صحیح؛ لأنّ الإرادة لیست مطلقة بل مقیّدة، فلو قال: الزبیب لو غلیٰ ینجس فهل تجد من نفسک تحقّق النجاسة قبل الغلیان؟ کلاّ، فإنّ الحکم بنجاسته تقدیریّ، وهو یُنافی فعلیّة الحکم قبل الغلیان.
فتلخّص : أنّه لا وجوب قبل حصول القید فی الواجب المشروط، وهو المشهور بین الاُصولیّین أیضاً.
لکن اُورد علیه بوجوه :
الأوّل : ما تقدّم من أنّ الموضوع له فی الهیئات خاصّ غیر قابل للتقیید، وقد عرفت دفعه.
الثانی : ما عن المحقق العراقی قدس سره من أنّه علیٰ المشهور لا فائدة للبعث حینئذٍ؛ إذ لا إرادة ولا حکم قبل حصول القید فیلزم لَغویّة الأمر والبعث، بخلاف ما لو قلنا انّ الحکم عبارة عن الإرادة المُظهَرة، فإنّ الحکم ـ حینئذٍ ـ متحقِّق بعد البعث ولو قبل
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 29 تحقُّق القید، فلا یلزم اللَّغویّة.
وفیه : أنّ الإرادة موجودة علیٰ المشهور أیضاً، فإنّ الآمر یرید البعث فیأمر مقیّداً، ولا یلزم منه اللَّغویّة؛ لأنّ المولیٰ لو کان فی مقام جعل القوانین الکلّیّة لعبیده، فقال: «من استطاع وجب علیه الحجّ» فهو مفید، ولا یلزم لغویته؛ فإنّه یشمل المستطیع فی الحال فیجب علیه الحجّ منجّزاً، ومَن سیصیر مستطیعاً فیجب علیه بعد تحقُّقها من دون احتیاج إلیٰ خطاب آخر، بل لایمکن جعل القوانین إلاّ بهذا النحو، خصوصاً إذا لم یمکنه البعث بعد حصول الشرط، فلا یلزمه اللغویّة.
الثالث : ما هو المشهور ـ أیضاً ـ من أنّا نریٰ فی بعض الموارد أنّه قد حکم الشارع بوجوب مقدّمة الواجب المشروط، کوجوب الغسل للمستحاضة قبل الفجر فی شهر رمضان، فمع عدم وجوب ذی المقدّمة کیف یمکن القول بوجوب مقدّمته؟! لأنّ وجوبها إنّما هو للملازمة بینه وبین وجوب ذیها، بخلاف ما لو قلنا بفعلیّة الوجوب قبل حصول القید، کما لا یخفیٰ.
وفیه : أنّ وجوب المقدّمة لیس لأجل الملازمة المذکورة أو الملازمة بین الإرادة والبعث إلیٰ ذی المقدّمة وبین ما یراه مقدّمة، بل الملاک لوجوب المقدّمة هو توقّف وجود ذی المقدّمة علیٰ وجود المقدّمة، ففیما نحن فیه لمّا علم العبد بأنّه سیجب علیه عمل بعد حصول شرطه، ویتوقّف وجوده علیٰ وجود المقدّمة؛ بحیث لو لم یأتِ بها قبل حصول القید لما أمکنه فعل ذی المقدّمة بعد تحقّق القید، حکم العقل بوجوب إتیانه بالمقدّمة المذکورة.
وأمّا الملازمة التی ذکرها فهی صحیحة من طرف الملزوم؛ أی کلّما وجب ذو المقدّمة وجبت المقدّمة، وأمّا فی جانب اللازم فلا؛ لاحتمال أن یکون اللازم أعمّ فلا یصحّ أن یقال: کلّما وجبت المقدّمة وجب ذو المقدّمة؛ لجواز وجوب المقدّمة بدون
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 30 ذی المقدّمة کما فی المفروض، فإنّ المقدّمة واجبة بحکم العقل وبملاک التوقّف وإن لم یجب ذو المقدّمة فعلاً قبل وجود الشرط؛ لأنّه مع عدم الإتیان بالمقدّمة فیه لا یتمکّن من الإتیان بذی المقدّمة، فیؤدّی ترکها إلی ترکه اختیاراً لأنّ الامتناع بالاختیار لا ینافی الاختیار.
وبالجملة : هذا الإشکال ناشٍ عن توهّم أنّ وجوب المقدّمة وإرادتها یترشّحان من وجوب ذی المقدّمة وإرادته، ویتولّد من إرادته إرادة وجوب المقدّمة، فیقال: کیف یمکن الترشّح المذکور مع عدم وجوب ذی المقدّمة فعلاً قبل حصول الشرط؟
ولهذا اتّخذ کلٌّ مهرباً عن الإشکال :
فذهب بعضهم إلیٰ أنّ وجوب الأغسال للمستحاضة قبل الفجر لیس من باب المقدّمیّة، بل وجوبها تهیُّئیّ.
وذهب المحقّق العراقی قدس سره إلیٰ أنّ وجوب ذی المقدّمة قبل حصول الشرط فعلیّ؛ لأنّه عبارة عن الإرادة المظهرة، وهی موجودة متحقّقة.
وذهب المیرزا النائینی قدس سره إلیٰ أنّ إیجاب الاغتسال هنا من باب تتمیم الجعل الأوّل، وهو جعل وجوب الصوم.
لکن عرفت أنّ ملاک وجوب المقدّمة غیر ملاک وجوب ذیها، فإنّه لا معنیٰ لترشُّح إرادة عن إرادة، ولا تولُّد وجوب عن وجوب، ولا أنّ إیجاب ذی المقدّمة إیجاب للمقدّمة، فإنّ الوجدان والذوق السلیم ینکران جمیع ذلک بل الإرادة المتعلّقة بالمقدّمة غیر الإرادة المتعلّقة بذی المقدّمة، بل ملاک وجوب المقدّمة هو ما ذکرناه.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 31 وأمّا ما أفاده المحقّق العراقی قدس سره من أنّ الوجوب عبارة عن الإرادة المظهرة، فینشأ منها فی ذی المقدّمة إرادة المقدّمة، فلم نتعقّله؛ لأنّه لا ریب فی أنّ إرادة المقدّمة علیٰ فرض تسلیم ما ذکره تابعة لإرادة ذی المقدّمة فی الإطلاق والتقیید، والإرادة المتعلّقة بذیها مقیّدة لا مطلقة، فالإرادة الناشئة منها المتعلّقة بالمقدّمة لابدّ وأن تکون کذلک، وإلاّ یلزم أو سعیّة دائرة المعلول من دائرة علّته، وهو مستحیل.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 32