الجهة الرابعة: جرم العمل من المستحبّات أم لا؟
فی أنّه علی الاحتمالین الأوّلین هل یوجب البلوغ أو السماع استحباب جرم العمل وصیرورة جرم العمل من المستحبّات أو لا؟ وجهان، أقربهما: الثانی.
بیان ذلک: هو أنّ المستحبّ هو ما یترتّب فیه الثواب علی إتیان جرم العمل؛ لخصوصیة ورجحان ذاتی فیه. وأمّا إذا ترتّب الثواب علی عمل لأجل الوصول إلی أمر آخر مطلوب لذاته فلا، وإلا یلزم فیما إذا جعل الثواب للمقدّمات العلمیة لأجل إدراک الواقع أن یکون مستحبّاً، وهو کما تری.
وفی المقام حیث إنّ ترتّب الثواب علی الاحتمال الثانی الذی هو أقرب المحتملات، لم یکن الثواب لخصوصیة ومطلوبیة فی نفس ما بلغ أو سمع؛ ضرورة أنّه ربما یکون الأمر حراماً أو مکروهاً أو مباحاً، بل لأجل التحفّظ والوصول إلی المطلوبات الواقعیة.
وبالجملة: جعل الشارع الأقدس الثواب علی نفس إتیان العمل لأجل الحثّ
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 52 والترغیب إلی إتیان جمیع مؤدّیات الأخبار الدالّة علی السنن؛ لعلمه بأنّ کثیراً من السنن الواقعیة موجودة فیها، لا لخصوصیة فی جرم العمل. فإعطاء الثواب وإن کان لنفس إتیان العمل رجاءً، إلا أنّه للتحفّظ والوصول إلی السنن الواقعیة، لا لخصوصیة فی جرم العمل.
وکذا بناءً علی الاحتمال الأوّل، حیث إنّ ترتّب الثواب علی الانقیاد لا یوجب أن یکون جرم العمل مستحبّاً، کما لا یخفی.
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 53