فصل (6) فی الأمر الباقی من الإنسان

‏‏فصل (6) فی الأمر الباقی من الإنسان‏

‏‏ ‏

‏‏قوله:‏‏ بعَجْبِ الـذنب.‏‏[‏‏9 : 221 / 4‏‏]‏

‏‏اعلـم: أنّ فی الـمقام منهجاً آخر سلـکـه سلـطان الـمحقّقین الآغا علـی‏‎ ‎‏الـزُنُوزی  ‏‏قدس سره‏‏بإثبات الـحرکـة الـجوهریـة فی الـبدن إلـیٰ أن تنتهی إلـیٰ‏‎ ‎‏الـمرحلـة الـمسانخـة مع الـنفس فتعود إلـیـه. و قد استشهد لهذا الـمطلـب‏‎ ‎‏بشواهد مسموعـة و روایات مذکورة و أنّ الأبدان بعد مفارقـة الـنفس تکون‏‎ ‎‏باقیـة لعدم الـمفارقـة الـکلّیـة بین الـنفس و الـبدن، و أنّ لها نحواً من الـتعلّق‏‎ ‎

‏
‏‎

‎‏بها، و لأجلـه تبقیٰ الأبدان الـتی تکون علاقـة الـنفوس بها قویـة بحیث‏‎ ‎‏لاتتفرّق. و ما یتفرّق تارةً یکون تعلّق الـنفس بها قویّاً بحیث یتلو الـکتاب کما‏‎ ‎‏حُکِی فی قصّـة رأس الـحسین ـ علـیـه آلاف الـتحیّـة و الـثناء و حشرنا‏‎ ‎‏الله علیٰ حبّـه و شفاعتـه ـ ، و اُخریٰ تکون ضعیفةً ولـکنّها لیست إلـیٰ حدّ‏‎ ‎‏یفنیٰ جمیعُ الأجزاء الـبدنیة.‏

‏‏و هذا ما یؤیّده الـمآثیر الـکثیرة، و أساساً قصّـة الـرجعـة لایکون مقبولاً‏‎ ‎‏إلاّ ببقاء تلـک الـعُلْقـة. و ما ورد فی تلک الأحادیث: «یحشر فی الـرجعـة من‏‎ ‎‏الـسعداء أعالـیهم و من الأشقیاء أدانیهم» إشارةٌ ضمناً إلـیٰ أنّ قوّة الـسعداء‏‎ ‎‏تکون موجبـة لتمکّنهم من الـرجوع إلـیٰ الـطبیعـة و إن کانت بقاء عُلـقتهم‏‎ ‎‏ضعیفـة؛ لعدم الـسنخیـة بینهم و بین أرض الـطبیعـة، و شدّة توغّل الأشقیاء فی‏‎ ‎‏أرض الـبدن تکون بحدٍّ ضعفت ارتباطهم إلـیٰ دار الآخرة، فتکون إعادتهم‏‎ ‎‏إلـیٰ هذه الـنشأة ثانیاً ممکنةً لعدم الـحاجة إلـیٰ إعمال الـقُویٰ الـعالـیة فی‏‎ ‎‏ذلک.‏

‏‏فعلـیٰ هذا، هذا هو عَجْبُ الـذنب، و هذا هو الـمناسب لقولـه: «کلّ بدن‏‎ ‎‏آدم یبتلـی إلاّ عَجْبُ الـذنب» فإنّـه لابدّ من الـمناسبـة الـعرفیـة بین‏‎ ‎‏الـمستثنیٰ و الـمستثنیٰ منـه، فیعلـم منـه أنّ الـمقصود إبتلاء بدن الإنسان کلّـه‏‎ ‎‏دونـه. و الـقوّة الـخیالـیـة والـصورة الـبرزخیـة الـجزئیـة من الـبدن لیست‏‎ ‎‏عَجْبَ الـذنب من الـبدن. و الـسرّ فی الـتعبیر عنـه بعجب الـذنب هو امتداده‏‎ ‎‏من هذه الـنشأة إلـیٰ الـنشأة الآخرة نحواً من الامتداد الـخاصّ. انتهیٰ‏‎ ‎‏ملـخّص مرامـه و ما فرّعنا علـیـه ببیان منّا.‏

‏‏و قد قال اُستاذنا فی الـمعارف الـنقلـیـة و الـعقلـیـة الـوالـد الـمحقّق:‏‎ ‎
‏‎

‎‏إنّ ما ذکره فی مسألـة الـمعاد غیر راجع إلـیٰ محصّل، و کان الـشیخ‏‎ ‎‏الـفیلـسوف الـمعظّم الـمیرزا مهدی الآشتیانی  ‏‏قدس سره‏‏ یقرّر مقصده و یقول فی أمر‏‎ ‎‏الـمعاد علـیٰ ما ببالـی بمقالـة الآغا علـی  ‏‏قدس سره‏‏، ولو کان مقصوده ما یحضرنی‏‎ ‎‏من مقالـتـه و ما ذکره فی «سبیل الـرشاد» فالإنصاف أنّـه خروج عن الـبحث،‏‎ ‎‏و سیأتی بعض تفسیراتٍ لمرامـه الـذی هو مقصوده.‏

‏‏لمحرّره السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه‏

‏‏ ‏