فصل (3) فی أنّ جمیع الامتدادات و الاتّصالات ممّا یستصحّ وجودها بالجوهر المتّصل
قوله: متّصل بنفسـه.[5 : 24 / 1]
أقول: أراد بهذا الـبرهان إرجاع جمیع الـمتّصلات الـحقیقیـة و الإضافیـة إلـیٰ الـمتّصل الـجوهری.
و ملـخّص برهانـه: أنّ الاتّصال إن لم یکن فی جوهر الـجسم فلابدّ و أن یتأتّیٰ من الأمر الـخارج الـمخصّص لـه، و هو إمّا أمر منفصل أو متّصل. أمّا
کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [صدرالدین شیرازی ]صفحه 501 الـمنفصل فلایمکن أن یکون منشأ الاتّصال. و أمّا الـمتّصل فإن کان جوهریاً متّصل الـکلّیـة فلابدّ و أن یکون عرضیاً، و الـعرض لا یمکن أن یصیر منشأً لاتّصال الـموضوع؛ لما أنّ الـعرض الـمتّصل إمّا یعرض علـیٰ الـمنفصل مع بقاء انفصالـه فیلـزم ما ذکره، و إمّا ینقلـب.
وعلـیـه إمّا ینقلـب بذلک الـمتّصل الـعارض متّصلاً أو بأمر آخر، والـثانی مفروض عدمـه و الأوّل غیرُ ممکن؛ حیث إنّ الاتّصال الـعارض یحتاج إلـیٰ تقدّم الـمعروض خارجاً لا تحلـیلاً لعدم کونـه عینـه عیناً. فإن توهّم کونُ الـمعروض هنا مثلَ معروض الـوجود و هو الـماهیات، فهو فاسد من أساسـه فلا تغفل. و یلـزم تقدّم الـشیء علـیٰ نفسـه؛ أی یکون الـمتّصل فی الـمرتبـة الـمتقدّمـة علـیٰ الـعرض لأن یُهیّئ الـجسم لعروضـه، و هذا أیضاً محالٌ.
و إلـیٰ الـثانی أشرنا بقولنا: «یلـزم تقدّم» إلـی آخره. و إلـیٰ الأوّل أشرنا بقولنا: «أو احتیاج» و کلـمـة «أو» لیس للـتردید أو الـدوران بل للـتنویع، و لذلک یرد الإشکالان کلاهما.
قوله: أم لا.[5 : 24 / 3]
فعلـیٰ الـثانی یلـزم تقدّم الـشیء علـیٰ نفسـه و هو باطل أو احتیاج الـموضوع بالـعرض و هو یستحیل.
قوله: و إن سألت الـحقّ.[5 : 24 / 13]
أقول: من الـبراهین علـیٰ الـتوحید هو: أنّ الـوجود إمّا واحد فهو الـمطلـوب، وإمّا یقتضی الـکثرة فیلـزم انعدام الـکلّ؛ لأنّ الأفراد علـیٰ طِباع الـطبیعـة فهی أیضاً تقتضی الـکثرة، و إمّا غیر ذلک فصوره فی محلّـه.
کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [صدرالدین شیرازی ]صفحه 502 و لمّا کان الاتّصال و الانفصال مساوقاً للـوحدة و الـکثرة أشار إلـیٰ ذلک الـبرهان و أنّ الـتکثّر فی الأفراد من الـنوع الـواحد ـ مع أنّ قضیـة الـقواعد جواز الانحصار فی الـفرد الـواحد ـ لابدّ و أن یرجع إلـیٰ الاتّصال الـمعروض لتلـک الـکثرة. و قد یتوهّم عدم تأتّی ذلک الـبرهان فی هذا الـمقام لأنّ اقتضاء الـوجود الـوحدة مساوق لـکون الـوحدة ذاتیاً لـه فلا یتکثّر بحسب نفس ذاتـه الإطلاقی.
فاقتضاء الـشیء الاتّصال الـجوهری ـ و أنّ الاتّصال جوهری فی ذات الـمتّصل ـ لا یقتضی إمکان عروض الانفصال؛ للـزوم کون الـجوهر عرضاً و للـزوم الانقلاب الـذاتی أو غیر ذلک و الـتالـی باطل فالـمقدّم مثلـه.
ولـکنّـه توهّم باطل، فإنّ الـمتّصل الـطبیعی هو الـمتّصل الـواحد الـذی لیست فی ذاتها الـکثرة مع قطع الـنظر عن تعیّناتـه، فلا انفصال یعرض الـجسم الـطبیعی بل الانفصال للأجسام الـطبیعیـة بتوسیط الـجسم الـتعلـیمی.
و بعبارة اُخریٰ: الـهیولیٰ واحد بالـوحدة الـشخصیـة لا الـنوعیـة کما هو الـتحقیق. و هکذا الـصورة الـجسمیـة واحدة بالـشخص. فکما أنّ الـهیولیٰ تقبل الانفصال و لا یضرّ بوحدتـه الـشخصیـة، هکذا الـصورة الاتّصالـیـة تقبل الانفصال بلا لزوم الـتخلّل الـذاتی و انقلابـه. و هکذا الـکثرة الـملحوظـة فی الـوجود بتوسیط الـموضوعات مع أنّـه توجب الـکثرة ولـکن لا تنثلـم وحدتـه الـذاتیـة، و لا یصیر الـوجود ذا أفراد متباینـة ـ کما علـیـه جُلّ الـمشائین ـ و الـتوضیح الأکثری فی مقامـه و لیس هنا محلُّ إفشاءه.
کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [صدرالدین شیرازی ]صفحه 503