الأمر الثانی :
إنّ الوصف والموصوف : إمّا متساویان، کالإنسان الضاحک، أو الوصف أعمّ مطلقاً من الموصوف، کالإنسان الماشی، أو بالعکس، کالإنسان العالم، أو بینهما عموم من وجه، فهل یعمّ البحث جمیع الأقسام، أو لا؟
الظاهر أنّ محلّ البحث هو ما إذا کان الموصوف أعمَّ مطلقاً من الوصف، أو أعمّ من وجه، لکن فی خصوص مادّة افتراق الموصوف عن الصفة لا غیر؛ لأنّه یشترط فی باب المفهوم إحراز وجود الموضوع ـ الذی جعل موضوعاً فی المنطوق مع الوصف ـ
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 308 عاریاً عن الوصف فی جانب المفهوم، وهذا إنّما یتحقّق فی القسمین المذکورین.
وبعبارة اُخریٰ : المفهوم عبارة عن انتفاء سنخ الحکم الثابت لموضوعٍ موصوفٍ بصفة عن نفس هذا الموضوع بعینه بدون الصفة، ولا یتحقّق ذلک فیما إذا کان الوصفُ أعمَّ من موصوفه وفی مادّة افتراق الصفة عن الموصوف فی العامّین من وجه وکذا فی المتساویین؛ لعدم احراز الموضوع مع انتفاء الصفة فیها؛ حتّیٰ یحکم بانتفاء سنخ الحکم عنه، وانتفاء سنخ الحکم عن موضوع آخر لیس من باب مفهوم الوصف، وتعلیق الحکم علیٰ موضوع موصوف بصفة لا یدلّ علیٰ انتفائه عن موضوع آخر.
وأمّا ما ذکره بعض الشافعیّة : من أنّ قوله علیه السلام : (فی الغنم السائمة زکاة)، یدلّ علیٰ وجوب الزکاة فی الإبل المعلوفة، فیمکن أن یقال: إنّ ذلک لأجل قیام قرینة خارجیّة علیه، مضافاً إلی أنّه غلط وفاسد قطعاً لو أراد أنّ تلک الدلالة من جهة المفهوم.
وکذلک ما ذکره صاحب الکفایة قدس سره من أنّه علیٰ فرض استفادة العِلّیّة المنحصرة للوصف یشمل النزاع المتساویین أیضاً، والظاهر أنّه سهوٌ من قلمه الشریف، فإنّه لا یتوهّم أحد أنّ مثل : «أکرم الإنسان الضاحک» یدلّ بحسب المفهوم علیٰ جعل حکم سلبیّ علی موضوع آخر، کالحیوان الغیر الضاحک.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 309