فی أقسام الترتّب :
إذا عرفت ذلک فاعلم : أنّ الترتّب الشرعیّ إمّا غیر معقول، أو غیر واقع:
أمّا الأوّل : فلأنّ التزاحم کما عرفت متأخّر عن الحکم بمرتبتین، فکیف یمکن اشتراط أحد الأمرین بعصیان الآخر وجعل ذلک علاجاً للتزاحم؟!
وبعبارة اُخریٰ : إذا عرفت أنّ التزاحم إنّما یتحقّق بعد تعلُّق الأمرین بالموضوعین، وبعد الابتلاء الخارجی بهما، فلا یمکن للآمر أن ینظر إلیٰ صورة التزاحم المتأخّر عن الحکم بمرتبتین، فضلاً عن أن یعالجه.
وأمّا الثانی : فلأنّه لو فُرض معقولیّة ذلک فالاشتراط والترتُّب غیر واقعیین؛ لأنّ الاشتراط یحتاج إلیٰ مؤنة وبیان زائد علیٰ بیان أصل الحکم، مع أنّ الأدلّة
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 122 الشرعیّة ـ مثل قوله تعالیٰ: «أَقِیمُوا الصَّلاةَ» ـ خالیة عن هذا الاشتراط، مع أنّک عرفت أنّ التزاحم فرع الابتلاء الخارجیّ، فلعلّه لم یقع ولا یقع إلیٰ یوم القیامة، فالقول بالترتُّب غیر صحیح.
وأمّا الترتُّب العقلیّ : فإن اُرید أنّ العقل یتصرّف فی الأدلّة الشرعیّة بتقییدها بالقدرة وغیرها مع إطلاقها، فهو ـ أیضاً ـ واضح الفساد، فإنّه لا سبیل للعقل إلی تقیید الأدلّة الشرعیّة والخطابات المطلقة الصادرة من الشارع، ولیس للعبد أن یقیِّد الأوامر الصادرة من مولاه بقید.
وإن اُرید أنّ العقل حاکم بمعذوریّة العاجز والجاهل وغیرهما فی مخالفة الحکم الشرعیّ؛ بمعنیٰ أنّه لا یصحّ عقوبته مع إطلاق الحکم بحیث یشمله، فهو مسلّم.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 123