المبحث السابع فی ثمرة بحث مقدّمة الواجب
ثمّ إنّهم ذکروا للبحث عن ثبوت الملازمة بین وجوب المقدّمة ووجوب ذیها ثمرةً : وهی أنّه إذا ثبتت الملازمة بین الوجوبین، وثبت وجوب المقدّمة، یقع ذلک کُبریٰ للصُّغریات الوجدانیّة، فیقال ـ مثلاً ـ : هذه مقدّمة للواجب، ومقدّمة الواجب واجبة، ینتج أنّ هذه واجبة. ولیس المناط فی المسألة الاُصولیّة إلاّ وقوع نتیجتها فی طریق استنباط حکم فرعی.
وأورد علیٰ ذلک : بأنّ القائل بعدم الملازمة ـ أیضاً ـ قائل بلا بُدّیّة الإتیان بالمقدّمة ووجوبها عقلاً فلا یصلح ما ذکر ثمرة للبحث.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 90 وقال المحقّق العراقی قدس سره فی التفصّی عن هذا الایراد بما حاصله: إنّه یمکن أن تُضمّ هذه النتیجة إلیٰ کُبریات اُخریٰ، فیثمر، فإنّه إذا قلنا بثبوت الملازمة أمکن الاتیان بالمقدّمة بقصد أمرها الغیری، فتتحقّق القربة بها، کما کانت تتحقّق إذا قصد بها امتثال أمر ذی المقدّمة، فتتحقّق التوسعة فی التقرّب، بخلاف ما إذا قلنا بعدم ثبوت الملازمة، فإنّه لا یتحقّق التقرّب ـ حینئذٍ ـ إلاّ بالإتیان بالمقدّمة بقصد امتثال أمر ذیها.
وبالجملة : لو قلنا بالملازمة إذا أتیٰ المکلّف بالمقدّمة بقصد أمرها الغیری تتحقّق عبادیّتها، ویتقرّب بها إلیٰ الله تعالیٰ، بخلاف ما إذا لم نقل بها.
وتظهر ـ أیضاً ـ فیما إذا أتیٰ المکلّف بالمقدّمات بدون ذیها، فإنّه یستحقّ الاُجرة هنا علیٰ القول بالملازمة، بخلاف ما لو قلنا بعدمها، فإنّه لا یستحقّ بالمقدّمات شیئاً. انتهیٰ محصّل کلامه علیٰ ما فی التقریرات.
ویرد علیٰ ما ذکره أوّلاً :
أوّلاً : أنّه قد مرّ مراراً: أنّ الأمر لا یدعو إلاّ إلیٰ متعلّقه، وحینئذٍ فالأمر المتعلّق بذی المقدّمة لا یعقل دعوته للعبد نحو الإتیان بالمقدّمات، وعرفت أنّ الإتیان بالمقدّمات إنّما هو للتوصُّل بها إلیٰ امتثال أمر ذی المقدّمة، فلا یتحقّق به القربة حینئذٍ، ولا یتحقّق به عبادیّتها.
وثانیاً : قد عرفت أنّه لا داعویّة ولا محرّکیّة للأمر الغیری، ولا یُعدّ امتثاله إطاعة، ولا ترکه مخالفة، بل الداعی إلیٰ إیجاد المقدّمات هو حکم العقل بلزوم تحصیلها؛ لأجل توقّف ذی المقدّمة علیها.
ویرد علیٰ ما ذکره ثانیاً :
أوّلاً : أنّ هذا الفرض مخالف لما اختاره من وجوب الحصّة من المقدّمات
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 91 الملازمة للإیصال؛ لأنّ المقدّمة الواجبة ـ حینئذٍ ـ ملازمة لوجود ذی المقدّمة، ولا ینفکّ عنها؛ کی یقال باستحقاق الاُجرة بإتیان المقدّمات بدون ذی المقدّمة.
وثانیاً : قد عرفت أنّ امتثال الأوامر الغیریّة لا یُعدّ إطاعة، ولا ترکه مخالفة؛ کی یستحقّ الاُجرة بامتثالها، فلا یندفع الإشکال بما ذکره.
فتلخّص : أنّه لا یترتّب علیٰ المسألة ثمرة.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 92