الرابع من الاُمور : ثبوت النزاع فی العلّة التامّة
هل النزاع فی جمیع المقدّمات الخارجیّة بأقسامها حتّی العلّة التامّة والسبب التامّ، أو أنّ النزاع فی غیر العلّة التامّة؟ قولان :
استدلّ لثانیهما : بأنّ المعلول للعلّة التامّة لیس مقدوراً للمکلّف کالإحراق، فلا یتعلّق به البعث والإرادة، والمقدور هو إیجاد العلّة، وحینئذٍ فلو فرض تعلّق أمر بمعلول فهو أمر صوریّ لابدّ من إرجاعه إلیٰ العلّة؛ لاعتبار القدرة فی متعلّق الأمر، فمع عدم تعلّق الإرادة بالمعلول لا معنیٰ للبحث عن ثبوت الملازمة بین إرادتها وبین إرادة المعلول.
وفیه : أنّ المسألة لیست عقلیّة، بل عرفیّة عقلائیّة لابدّ من ملاحظة المتفاهم
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 14 العرفی وحکم الوجدان فی ذلک فنقول: لا إشکال فی أنّ ایجاد العلّة بنفسها مقدور، والمعلول بلاواسطة غیر مقدور ولکنّه مقدور مع الواسطة، فإذا فرض أنّ زیداً عدوّ فالوجدان شاهد علی أنّه یمکن إحراقه لکن بواسطة جمع الحَطَب ـ مثلاً ـ فیتعلّق به إرادته، فیبحث عن أنّها هل تستلزم إرادة علّته أولا ؟
هذا فی الإرادة التکوینیّة، وکذا فی الإرادة التشریعیّة، فلا فرق بین المقدّمة التی هی علّة تامّة وبین غیرها فی أنّ البحث شامل لکلیهما.
وحاصل الإشکال : أنّه لاریب فی أنّه یشترط فی صحّة التکلیف قدرة المکلّف علیٰ إیجاد متعلّقه، والمفروض أنّه غیر قادر بالنسبة إلی متعلّقه فی الأفعال التولیدیّة والمعلولات، فهی خارجة عن البحث بنحو الاستثناء المنقطع.
وحاصل دفع الإشکال : أنّه إنّما یرد لو قلنا : إنّ مناط حسن التکلیف وصحّته هو قدرة المکلّف علی متعلّق التکلیف بلا واسطة، وأمّا لو قلنا بأنّه یکفی فی صحّته القدرة علیه ولو مع الواسطة ـ کما هو الصحیح ـ فلا، وإلاّ فلو اعتبر القدرة علیٰ متعلّق التکلیف بلا واسطة فی صحّته، لزم خروج جمیع المقدّمات عن محطّ البحث، فإنّ لقاء الصدیق أو الکون علیٰ السطح لیس مقدوراً للمکلّف بدون الذهاب إلیٰ مکانه أو نصب السُّلّم ، فعلیٰ ما ذکره لا وقع للبحث عن المقدّمات کلّها.
کتابتنقیح الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله الموسوی الامام الخمینی (س)صفحه 15