الجهة الثالثة: فی مقتضی الأصل فی أنحاء الملاقاة
بعد عدم تمامیة الاستدلال بالآیة والروایة لنجاسة الملاقی یقع الکلام فی مقتضی الأصل العقلی فی أنحاء الملاقاة والصور المذکورة فهل مقتضی حکم العقل عدم وجوب الاجتناب فی جمیعها کما حکی ذلک عن المشهور، أو وجوب الاجتناب عن الملاقی فی جمیع الصور کما حکی ذلک عن العلامة فی «المنتهی»، أو فیها تفصیل کما ذکره المحقّق الخراسانی قدس سره فذکر لها صوراً ثلاث، فقال فی بعضها بوجوب الاجتناب عن الملاقی ـ بالکسر ـ دون الملاقی ـ بالفتح ـ وقال فی آخر بوجوب الاجتناب عن الملاقی ـ بالفتح ـ دون الملاقی ـ بالکسر ـ وقال فی ثالث بوجوب الاجتناب عنهما؟ وجوه بل أقوال.
یوجّه قول المشهور بأنّ الأصل العقلی فی جمیع الصور البراءة وعدم وجوب نجاسة الملاقی ـ بالکسر ـ فإنّ العلم الإجمالی بنجاسة بعض الأطراف منجّز لها؛ فإذا علم بالملاقاة أو کانت نجاسة الملاقی ـ بالکسر ـ علی فرض کونه نجساً من الملاقی ـ بالفتح ـ لا یؤثّر العلم الإجمالی الثانی؛ لأنّ العلم الإجمالی بنجاسة بعض الأطراف یکون رتبته سابقة علی العلم بنجاسة الملاقی ـ بالکسر ـ والطرف سواء کان بحسب الزمان مقارناً له أو متقدّماً علیه أو متأخّراً عنه فیتنجّز الأطراف فی الرتبة السابقة علی تأثیر العلم الإجمالی الثانی، وبعد تنجیز الأوّل للأطراف لا
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 246 یؤثّر العلم الثانی؛ لعدم إمکان تنجّز المتنجّز؛ للزوم تحصیل الحاصل.
فإذا علم بنجاسة الملاقی ـ بالکسر ـ أو الطرف، ثمّ علم بنجاسة الملاقی ـ بالفتح ـ أو الطرف، وأنّ نجاسة الملاقی بالکسر علی فرضها یکون من الملاقی بالفتح، فالعلم الإجمالی الثانی المتأخّر زماناً ینجّز أطرافه فی الرتبة السابقة؛ لأنّ معلومه یکون متقدّماً علی المعلوم الأوّل، والمناط فی التنجیز هو تقدّم المعلوم زماناً أو رتبة لا العلم، کما لو علمنا بوقوع قطرة من الدم فی أحد الأوانی الثلاث، ثمّ علمنا بوقوع قطرة منه قبله فی أحد الإنائین منها یکون العلم الأوّل بلا أثر، ولا یجب الاجتناب عن الطرف المختصّ به؛ لأنّ العلم الثانی یؤثّر فی تنجیز معلومه فی الزمان السابق علی العلم الأوّل.
وبالجملة: بعد تقدّم تنجّز الملاقی ـ بالفتح ـ علی الملاقی ـ بالکسر ـ بالرتبة یکون العلم المتعلّق بالملاقی ـ بالکسر ـ والطرف فی جمیع الصور بلا أثر؛ لأنّه لا معنی للتنجیز فوق التنجیز، فیجب الاجتناب عن الملاقی ـ بالفتح ـ والطرف دون الملاقی الإجمالی الأوّل ومتأخّر عنه رتبة لکن لم لا یجوز أن یصیرا بجامعهما منجّزین بالنسبة إلی المعلوم الأوّل.
وبعبارة اُخری یمکن أن ینجّز العلم الإجمالی السابق رتبة الطرفین حدوثاً وبعد تولّد العلم الثانی من الأوّل یؤثّر العلم الأوّل والثانی ـ أی المعلول والعلّة ـ بجامعهما فی تنجیز الطرفین ویستقلّ المعلول فی تنجیز الملاقی ـ بالکسر ـ وترتیبهما لا یضرّ بتأثیر جامعهما.
وبعبارة أوضح: العلم الإجمالی بنجاسة أحد الإنائین منجّز للاجتناب عنهما، وبعد ملاقاة الثوب لأحدهما یتولّد ویحدث علم إجمالی بنجاسة هذا الثوب
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 247 والإناء الآخر، فکلا العلمین أو الجامع بینهما منجّزان بالنسبة إلی الإناء الآخر والعلم الإجمالی الأوّل منجّز بالنسبة إلی خصوص هذا الإناء الملاقی ـ بالفتح ـ والعلم الإجمالی الثانی منجّز بالنسبة إلی خصوص الثوب الملاقی.
ولکن یجاب عن الإشکال أمّا حدیث تأثیر الجامع فغیر صحیح فی العلّتین المستقلّتین الواردتین علی المعلول الواحد؛ لعدم وجود الجامع فی الخارج مضافاً إلی کلّ واحد منهما حتّی یؤثّر فی شیء فالمؤثّر ذاتهما لا الجامع.
ولو تمّ ذلک فی العلّتین المستقلّتین، فلا یکاد یجری فی موضوع البحث فی باب الاحتجاجات وموضوعات الأدلّة.
وأمّا قضیة المنجّزیة فلا تقبل التعدّد، وذلک لأنّه لو أقرّ الرجل بأنّ زیداً له علیّ دین والإقرار من أقوی الحجج، وبعد ذلک لو قامت بیّنة علی کونه مدیوناً لزید لا تکون مؤثّرة ومنجّزة ولا یجعل الإقرار جزءاً للمؤثّریة.
وکذا قضیة الاحتجاج لا تقبل التکرار ولا یوجب ذلک جعل الاحتجاج الأوّل جزءاً للمؤثّریة.
مثلاً إذا علمت أنّ هذا الإناء أو ذاک الإناء نجس وهذا العلم الإجمالی منجّز بالنسبة إلی الطرفین فیجب الاجتناب عنهما، فإذا ارتکب أحدهما وصادف الواقع یستحقّ العقاب، فإذا حدث علم إجمالی آخر لا یوجب استحقاق أشدّ، والموجب لاستحقاق العقاب هو العلم الإجمالی الأوّل ولا موقف للعلم الإجمالی الثانی.
نعم، لو ذهب العلم الإجمالی الأوّل یکون العلم الإجمالی الثانی مؤثّراً.
وفی باب الحجج العقلائیة أیضاً کذلک؛ لأنّه لو قام برهان قطعی علی وجود
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 248 الصانع تعالی فحصل له القطع بوجوده تعالی لا یؤثّر برهان آخر فی ذلک ولا یکون برهاناً فعلیاً، وإنّما هو برهان اقتضائی؛ لأنّه کما یقال: لیس قری وراء عبّادان.
هذا ما ذهب إلیه سماحة الاُستاذ سابقاً ولکن عدل عنه ومال إلی التفصیل الذی ذهب إلیه المحقّق الخراسانی قدس سره ویظهر ضعف هذا الوجه ممّا سنشیر إلیه فی بیان تفصیل المحقّق الخراسانی قدس سره فقال قدس سره ـ کما أشرنا إلیه ـ: إنّه فی بعض الصور یجب الاجتناب عن الملاقی ـ بالفتح ـ والطرف دون الملاقی ـ بالکسر ـ وفی بعض الصور یجب الاجتناب عن الملاقی ـ بالکسر ـ والطرف دون الملاقی ـ بالفتح ـ وفی بعض الصور یجب الاجتناب عن الجمیع فقال: أمّا الصورة الاُولی فهی وجوب الاجتناب عن الملاقی ـ بالفتح ـ والطرف دون الملاقی ـ بالکسر ـ وهی ما إذا کان العلم بالملاقاة متأخّراً عن العلم بنجاسة الأطراف وقال فی وجهه بأنّه إذا اجتنب عن الملاقی ـ بالفتح ـ والطرف فقد اجتنب عن النجس فی البین ولو لم یجتنب عمّا یلاقیه فإنّه علی تقدیر نجاسته فرد آخر من النجس قد شکّ فی وجوده.
وحاصله: أنّ مقتضی العلم الإجمالی تنجیز الحکم، فالاجتناب عن الطرفین وبعد ذلک لو لاقی ثوبه لأحد الطرفین لا یکاد تنجیز العلم الإجمالی بالنسبة إلی الملاقی والطرف؛ لأنّه لا معنی للتنجیز الفعلی الإجمالی ثانیاً بشیء بعد التنجیز إذا لم تصل الغفلة کما أنّه لا معنی للعلم التفصیلی ثانیاً بشیء بعد العلم التفصیلی به ما لم تحدث الغفلة.
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 249 وحیث إنّ العلم الإجمالی الأوّل منجّز بالنسبة إلی طرف الملاقی ـ بالفتح ـ والعلم بملاقاة ثوبه لأحد الطرفین لا یحدث تنجیزاً آخر بالنسبة إلی طرف الملاقی ـ بالفتح ـ وبالجملة: الکشف والتنجیز من الاُمور التی لا یقبل التعدّد والاثنینیة ـ فلا یعقل أن ینکشف الشیء الواحد لدی العالم مرّتین ما لم ینفصل بینهما ذهول أو نسیان، ومثله التنجیز؛ فإنّ معناه تمامیة الحجّة وانقطاع العذر علی العبد وهو لا یقبل التکرار فإذا تمّت الحجّة بالنسبة إلی الطرف فی العلم الإجمالی الأوّل أو حصل الانکشاف فلا معنی لأن تتمّ الحجّة بالنسبة إلی الطرف فی العلم الإجمالی بنجاسة الملاقی ـ بالکسر ـ أو الطرف، کما لا معنی لتعدّد الانکشاف.
وبعبارة اُخری بعد العلم بنجاسة الملاقی ـ بالفتح ـ والطرف فإذا لاقاه الثوب لا یحدث علم إجمالی آخر بنجاسة الملاقی ـ بالفتح ـ .
ولو حدث لا یکون العلم الإجمالی الثانی منجّزاً بالنسبة إلی الطرف؛ لأنّه بعد ما وجب الاجتناب عن الطرف بالعلم الإجمالی الأوّل لا معنی لتعلّق وجوب اجتناب آخر علیه وعلی الملاقی ـ بالفتح ـ والطرف، وبعد ملاقاة الثوب لأحدهما لا ینجّز العلم الإجمالی فمرجع ذلک إلی نجاسة الثوب الملاقی لأحد الطرفین نظیر الأقلّ والأکثر؛ فإنّ الأقلّ مقطوع والزائد مشکوک فیه، فوجوب الاجتناب عن الطرفین قطعیّ وأمّا وجوب الاجتناب عن الثوب الملاقی لأحدهما فمشکوک فیه.
فتحصّل أنّه لو علم الملاقاة لأحد الطرفین بعد تنجیز العلم الإجمالی بنجاسة
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 250 أحدهما لا یجب الاجتناب عنه إمّا لعدم العلم الإجمالی به أو لعدم کون العلم الثانی منجّزاً.
فبما ذکرنا ظهر أنّ عدم وجوب الاجتناب عن ملاقی أحد الطرفین واضح، فاتّفق نظرنا فی الدورتین.
الصورة الثانیة ما یجب فیه الاجتناب عن الجمیع وهی فیما إذا حصل العلم الإجمالی بنجاسة الملاقی ـ بالفتح ـ والطرف بعد العلم بالملاقاة مع کون الجمیع مورداً للابتلاء.
والسرّ فی وجوب الاجتناب عن الجمیع هو أنّ العلم بالملاقاة وإن کان متقدّماً إلا أنّه لا یحدث تکلیفاً؛ فإنّ الملاقاة الخارجی لیس موضوعاً للحکم ما لم یعلم بنجاسة الملاقی ـ بالفتح ـ وما هو الموجب للتکلیف إنّما هو العلم بنجاسة الملاقی أو الطرف وهو قد تعلّق بالجمیع فی عرض واحد؛ لأنّ العلم بالملاقاة المتقدّم قد جعل الملاقی والملاقی عدلاً واحداً، فإذا تعلّق العلم بنجاسة الملاقی ـ بالفتح ـ أو الطرف نفی الحقیقة تعلّق ببرکة العلم بالملاقاة من قبل بنجاستهما والطرف.
الصورة الثالثة ما یجب فیه الاجتناب عن الملاقی ـ بالکسر ـ والطرف دون الملاقی.
فذکر لها موردین:
المورد الأوّل: ما إذا تأخّر العلم بنجاسة الملاقی ـ بالفتح ـ أو الطرف عن العلم بالملاقاة وعن العلم بنجاسة الملاقی ـ بالکسر ـ أو الطرف کما إذا علم أوّلاً بالملاقاة ثمّ علم بنجاسة الملاقی ـ بالکسر ـ أو الطرف من دون التفات إلی سبب
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 251 نجاسة الملاقی، ثمّ حدث العلم الإجمالی بنجاسة الملاقی ـ بالفتح ـ أو الطرف.
والسرّ فی ذلک ما مرّ من أنّ شرط تنجیز العلم الإجمالی أن یکون متعلّقاً بالتکلیف الفعلی علی أیّ تقدیر منجّزاً.
ومقتضی العلم الإجمالی بنجاسة الملاقی ـ بالکسر ـ والطرف وجوب الاجتناب عن الملاقی والطرف، ولا یکاد یؤثّر العلم الإجمالی الثانی لتردّد متعلّقه بین ما کان واجب الاجتناب لو لا هذا العلم وهو الطرف، وما لیس کذلک، وهو الملاقی ـ بالفتح ـ فینحلّ العلم الإجمالی الثانی إلی مقطوع الاجتناب وهو الطرف ومحتمله وهو الملاقی ـ بالفتح ـ فلا یحدث العلم الإجمالی الثانی تکلیفاً علی کلّ تقدیر.
وبالجملة: إنّ العلم الإجمالی الأوّل نجّز الحکم علی کلّ واحد من الملاقی ـ بالکسر ـ والطرف، والعلم الإجمالی الثانی تعلّق بنجاسة الملاقی ـ بالفتح ـ والطرف، والمفروض أنّ الطرف کان فی ظرف حدوث العلم الثانی واجب الاجتناب بالعلم الإجمالی الأوّل وقد تمّت حجّة المولی فیه علی العبد، ومعه لا یحدث العلم الثانی تکلیفاً علی کلّ تقدیر، فینحلّ العلم الثانی إلی مقطوع الاجتناب، وهو الطرف ومشکوک الاجتناب وهو الملاقی.
إن قلت: إنّ العلم الثانی یوجب بطلان العلم الأوّل وفساد زعم التنجیز؛ لأنّ التنجیز فرع هذا العلم لنفس الأمر وقد کشف خلافه؛ لأنّه بعد حصول العلم الثانی یستکشف بطلان الأوّل الذی تعلّق بنجاسة الملاقی ـ بالکسر ـ أو الطرف وعلمنا أنّ الذی یلیق أن یقع عدلاً للطرف إنّما هو الملاقی ـ بالفتح ـ لا الملاقی.
وبالجملة: بعد ما حدث العلم الثانی کشفنا عن أنّ العلم الذی تعلّق بوجوب
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 252 الاجتناب عن الملاقی ـ بالکسر ـ أو الطرف کان وهناً محضاً ولم یکن ملاک وجوب الاجتناب موجوداً هنا، فیبطل ما یقال من أنّ الطرف کان واجب الاجتناب من أوّل الأمر ولم یحدث العلم الثانی تکلیفاً آخر بالنسبة إلیه ویصیر الملاقی ـ بالفتح ـ مشکوکاً فیه.
قلت: إنّ العلم الثانی یکشف عن سبب الاجتناب عن الملاقی ـ بالکسر ـ لا عن بطلان العلم الأوّل والشاهد علیه أنّه بعد العلم الثانی لنا أن نقول: إنّ الطرف واجب الاجتناب أو الملاقی ـ بالکسر ـ لکونه ملاقیاً للنجس واقعاً، غایة الأمر کان وجوب الاجتناب عن الملاقی ـ بالکسر ـ مجهولاً سببه وکان المکلّف معتقداً أنّ علّة نجاسته علی فرضها هو وقوع النجس فیه بلا واسطة ثمّ بان أنّ سببها هو الملاقاة لما هو نجس علی فرض نجاسة الملاقی ـ بالفتح ـ.
وهذا مثل ما إذا وقفنا علی وجوب أحد الشیئین، ثمّ وقفنا علی ضعف الطریق مع العثور علی طریق صحیح، فالتغایر فی السبب لا یوجب التغایر فی المسبّب.
المورد الثانی: ما إذا علم بالملاقاة ثمّ حدث العلم الإجمالی بنجاسة الملاقی ـ بالفتح ـ أو الطرف ولکن کان الملاقی حال حدوث العلم داخلاً فی مورد الابتلاء والملاقی ـ بالفتح ـ خارجاً عنه، ثُمّ عاد إلی محلّ الابتلاء.
أورد علیه المحقّق النائینی قدس سره بأنّه لا أثر لخروج الملاقی ـ بالفتح ـ عن محلّ الابتلاء فی ظرف حدوث العلم مع عوده إلی محلّ الابتلاء بعد العلم، نعم، لو فرض أنّ الملاقی ـ بالفتح ـ کان فی ظرف حدوث العلم خارجاً عن محلّ الابتلاء ولم یعد بعد ذلک إلی محلّه ولو بالأصل، فالعلم الإجمالی بنجاسته أو
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 253 الطرف ممّا لا أثر له ویبقی الملاقی ـ بالکسر ـ طرفاً للعلم الإجمالی، فیجب الاجتناب عنه وعن الطرف؛ لأنّ العلم الإجمالی بنجاسة الملاقی ـ بالفتح ـ والطرف وإن تقدّم معلومه علی العلم الإجمالی بنجاسة الملاقی ـ بالکسر ـ أو الطرف إلا أنّه لمّا کان الملاقی ـ بالفتح ـ خارجاً عن محلّ الابتلاء، فلا أثر للعلم الإجمالی بنجاسته أو الطرف.
ولکنّ التحقیق: أن یقال ـ کما أشرنا إلیه ـ عدم الاعتبار بالخروج عن محلّ الابتلاء: لما أشرنا من أنّ الأحکام المجعولة أحکام قانونیة أو خطابات قانونیة لا یعتبر فیها عدم الخروج عن محلّ الابتلاء.
ولو سلّم أنّ الخروج عن محلّ الابتلاء معتبر فیها وذلک فیما إذا لم یکن للخارج أثر فعلی داخل فی محلّ الابتلاء وأمّا إذا کان له أثر فعلی فلا نسلّم قبح الخطاب؛ فإنّ جعل النجاسة للإناء الخارج عن محلّ الابتلاء مع کون ملاقیه داخلاً فیه لیس بقبیح؛ لأنّ أثر نجاسة الملاقی ـ بالفتح ـ الخارج عن محلّ الابتلاء إنّما هو نجاسة الملاقی ـ بالکسر ـ الذی هو داخل فیه.
فظهر أنّ عود الملاقی ـ بالفتح ـ إلی محلّ الابتلاء وعدم عوده سیّان، فما فصّله المحقّق النائینی قدس سره من تسلیم ما ذکره المحقّق الخراسانی فیما إذا عاد الملاقی ـ بالفتح ـ إلی محلّ الابتلاء دون ما إذا لم یعد لا یرجع إلی محصّل؛ لما أشرنا من أنّ خروج الملاقی ـ بالفتح ـ کلا خروجه لوجود أثره.
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 254