المعنی المستظهر من الروایة
یبعد أن یرید شخص متعارف منّا فضلاً عن الإمام علیه السلام الواقف باللغة العربیة من هذه الجملة بیان الشبهة البدویة بداهة أنّه لو کان بصدد إیفاء هذا المعنی لکان الأولی أن یقول: کلّ ما اشتبه لدیک فهو حلال، أو کلّما شککت فهو لک حلال ونحو ذلک.
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 144 وکذا إرادة الاحتمال الثانی بعیدة؛ لأنّ الشیء ظاهر فیما یکون له وحدة حقیقیة ولا أقلّ من أن تکون له وحدة عرفیة، ومجرّد لحاظ المجموع واحداً لا یجعله واحداً عرفاً، فما ظنّک بالحقیقی فإرادة المجموع الذی لا یکون له إلا وحدة اعتباریة لحاظیة من لفظة «الشیء» بعیدة إلا أنّ لفظة «فیه» یُقرّب هذا الاحتمال من حیث دلالتها علی أنّ فی ذلک الشیء حلالاً وحراماً بالفعل ولکن یکون جعل الشیء الظاهر فیما یکون له وحدة عرفیة قرینة علی أنّ المراد بالحلال والحرام هما القسمان من الطبیعة الواردة من لفظة الشیء.
ومن هنا یتّضح حکم الاحتمال الرابع، فتدبّر.
وبالجملة: لکلّ من الاحتمال الثانی والرابع جهة قرب وجهة بعد.
وأمّا الاحتمال الثالث فهو من حیث إرادة الأشیاء الخارجیة من لفظة «شیء» وإن کان قریباً إلا أنّ ارتکاب الاستخدام فی الضمیر بإرجاعه إلی نوع ذلک أوجبته خلاف الظاهر.
وأمّا الاحتمال الخامس فأمره واضح؛ للزوم غیر واحد من المحاذیر المتقدّمة.
فظهر وتحقّق أنّه لا ظهور لهذه الروایة فی خصوص أطراف العلم الإجمالی کما لا ظهور لها فی خصوص الشبهة البدویة، فالإنصاف عدم دلالة الروایة علی وقوع الترخیص فی أطراف المعلوم بالإجمال، فتدبّر.
ومن أخبار الباب: موثّقة مسعدة بن صدقة عن أبی عبدالله علیه السلام قال: سمعته یقول: «کلّ شیء هو لک حلال حتّی تعلم أنّه حرام بعینه، فتدعه من قبل نفسک، وذلک مثل الثوب یکون علیک قد اشتریته وهو سرقة، أو المملوک عندک لعلّه حُرّ قد باع نفسه، أو خدع فبیع قهراً، أو امرأة تحتک وهی اُختک أو
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 145 رضیعتک والأشیاء کلّها علی هذا حتّی یستبین لک غیر ذلک أو تقوم به البیّنة».
هذه الروایة بصدرها وذیلها تشمل أطراف العلم الإجمالی خصوصاً قوله علیه السلام: «حتّی تعلم أنّه حرام بعینه فتدعه» إلا أنّ فی الروایة إشکالاً عویصاً وهو أنّ الأمثلة المذکورة فیها لا تطابق قاعدة الحلّ.
وبالجملة لا تطابق الأمثلة للممثّل.
کتابجواهر الاصول (ج. ۶): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 146