فصل (5) فی أنّ الواجب الوجود إنّیته ماهیته

‏‏فصل (5) فی أنّ الواجب الوجود إنّیته ماهیته‏

‏‏ ‏

‏‏قوله: ‏‏فقولهم: إنّ الـوجود.‏‏[‏‏6 : 54 / 11‏‏]‏

‏‏أقول:‏‏ و هذا فی الـحقیقـة خروج عن میزان الـبحث؛ لأنّـه تفسیر لما‏‎ ‎‏یظهر من کلامهم و هو أنّـه تعالـیٰ لا ماهیـة لـه ولـکن لم یقم برهاناً علـیـه.‏

‏‏إن قلـت: هو تفسیر مشتملٌ علـیٰ الـبرهان؛ لأنّ الـذات الـذی منشأ أخذ‏‎ ‎‏مفهوم الـوجود بذاتـه هو الـواجب، فالـواجب هو الـوجود الـمطلـق، و هذا‏‎ ‎‏ینفی الـماهیـة عنـه تعالـیٰ.‏

‏‏قلـت: و فیـه أوّلاً: أنّ ذلک مشرب أعلـیٰ من مشربهم؛ فإنّ الـحکیم‏‎ ‎‏یخصّ الـواجب بوجود خاصّ، و الـعارف بالـوجود الـمطلـق، و الـکافر‏‎ ‎

‏
‏‎

‎‏بمطلـق الـوجود. و الـبرهان الـمزبور یؤدّی إلـیٰ أنّـه تعالـیٰ لا ماهیـة لـه لو‏‎ ‎‏کان الله تعالـیٰ نفس الـوجود، و الـحکیم یتفوّه بذلک. فهذا برهان علـیٰ نفی‏‎ ‎‏الـماهیـة عن الـوجود و هذا فی بدیهـة الـعقل ممّا لا یُنکره أحد؛ لأنّ‏‎ ‎‏الـماهیـة غیر الـوجود کما أنّ الـوجود غیر الـعدم.‏

‏‏و ثانیاً: لنا أن نتصوّر للـوجود الـمنشأ للـمفهوم الانتزاعی مفهوماً آخر‏‎ ‎‏منتزعاً منـه و هو مفهوم الألف، و ذلک غیر ممتنع کما یتّخذ مفهوم الـعلـم و‏‎ ‎‏الـقدرة منـه بلا دخالـة أمر آخر فیـه.‏

‏‏فتحصّل إلـیٰ هنا: أنّ ما توهّمـه أنّـه برهان متین لا یؤدّی إلـیٰ شیء‏‎ ‎‏علـیٰ ما فی مذهبـه. ولـکن علـیٰ ما حقّق فی محلّـه إنّ الله تعالـیٰ هو‏‎ ‎‏الـوجود الـمطلق فکونـه بلا ماهیـة من الـبدیهیات الأوّلیـة، فلـیتأمّل.‏

‏‏من العبد السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه‏

‏‏قوله: ‏‏و ما امتنع.‏‏[‏‏6 : 56 / 16‏‏]‏

‏‏أقول:‏‏ قد وقع فی کلامـه الـخلـط بین الـجنس و الـنوع؛ فإنّ الـقاعدة‏‎ ‎‏الـمعروفـة هو أنّ ما امتنع علـیٰ الـنوع ـ بما أنّـه نوع ـ امتنع علـیٰ کلّ فرد، و‏‎ ‎‏ما امتنع علـیٰ کلّ فرد ـ بما أنّـه فرد الـنوع ـ یمتنع علـیٰ الـنوع، و أمّا‏‎ ‎‏الـجنس فلا یأتی فیـه ذلک ـ أفلا تریٰ أنّـه یمتنع علـیٰ الـعقل الأوّل‏‎ ‎‏الـمادّیـة، و علـیٰ الـصورة الـجسمیـة الـتجرّد مع أنّهما من جنس واحد؟!‏‎ ‎‏فما امتنع علـیٰ الـنوع لا یمتنع علـیٰ الـجنس، فلـیتأمّل.‏

‏‏من العبد السیّد مصطفیٰ‏

‏‏قوله:‏‏ و هو الـمطلـوب.‏‏[‏‏6 : 57 / 4‏‏]‏

‏‏أقول:‏‏ هذا الـبرهان یتمّ علـیٰ فرض کون الـماهیـة معناه ما هو‏‎ ‎

‏
‏‎

‎‏الـمعروف، و منشأه هو نقص الـوجود. و أمّا لو قلـنا بأنّ الـماهیـة هو الـمعنیٰ‏‎ ‎‏الـمخصوص الـممتاز عن سائر الـماهیات ـ کما یمتاز الأجناس الـعالـیـة‏‎ ‎‏بعضها عن بعض ـ فماهیـة الـواجب جوهر إلاّ أنّـه لیس بجوهر یقال فی سائر‏‎ ‎‏أنواع الـجواهر، بل هو جنس آخر من الـجوهر، و لم یقم برهان علـیٰ امتناع‏‎ ‎‏ذلک فی ذلک الـبرهان.‏

‏‏من العبد السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه‏

‏‏ ‏