فصل (6) فی کیفیة کون الشیء الواحد بالعموم علّة لشیء واحد بالعدد بوجه خاصّ

‏‏فصل (6) فی کیفیة کون الشیء الواحد بالعموم علّة لشیء واحد بالعدد بوجه خاصّ‏

‏‏ ‏

‏‏قوله:‏‏ ضرب آخر من الـتشخّص.‏‏[‏‏5 : 153 / 19‏‏]‏

‏‏أقول:‏‏ و هذا إجمال فی الـکلام و إهمال فی الـمقال فکیف لا؟! و هی‏‎ ‎‏منبع الـشرور و الأعدام و بها حرکـة جمیع الـخیرات و الـمبرّات، فهو أمر‏‎ ‎‏متحصّل موجود، إلاّ أنّ تحصّل کلّ شیء بحسبـه و هذا لا یوجب کون کلّ شیء‏‎ ‎‏علّـة لـه و إن لا یناسب معـه. و فی حکم الـعقل: أنّ الـجزئی لا یصدر من‏‎ ‎‏الـکلّی و الـمهمل لا یشخّص الـمفصّل خصوصاً بعد احتیاجـه إلـیـه فی‏‎ ‎‏تشخّصـه، فلابدّ من علّـة لـه حتّیٰ یتشخّص بغیره.‏

‏‏فعلـیٰ هذا نقول: لا أوّل زماناً للـهیولیٰ و إن کان لها الأوّلیـة الـذاتیـة.‏‎ ‎‏فعلـیٰ الأوّل یکون تشخّص الـهیولیٰ بصورة متشخّصـة قبلـها بهیولیٰ اُخریٰ‏‎ ‎‏ولو تسلـسلـت؛ لعدم الإشکال فیـه ـ کما تقرّر ـ ، و علـیٰ الـثانی لا هیولیٰ‏‎ ‎‏تکون علّـة و لا الـصورة، بل الـعقل ینسدّ بابـه و ینسب الـکلّ إلـیٰ واهب‏‎ ‎‏الـصور بلا دخالـة غیره فیـه؛ لعدم الـشرکـة معـه فی الإفاضـة.‏

‏‏و لعمری إنّـه أحسن ما قیل، و أفاضنی الله بقلبی الـقاصر، و من تأمّل‏‎ ‎‏فی أطرافـه یجده أحسن الـطرق فنتخلّص عن الإشکال الـصعب الـقوی.‏

‏‏من العبد السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه‏

‏‏قوله:‏‏ فلا یلـزم الـدور.‏‏[‏‏5 : 155 / 5‏‏]‏

‏‏أقول:‏‏ و الإنصاف أنّـه إغفال لا غفلـة؛ لأنّ کون الـهیولیٰ مشخّصاً بمعنیٰ‏‎ ‎
‏‎

‎‏الـقابلـة إمّا یُحتاج إلـیـه أو لا یُحتاج إلـیـه. فعلـیٰ الأوّل فلابدّ و أن یتقدّم‏‎ ‎‏علـیٰ تشخّص الـصور و هو الـدور الـمُعاد، و علـیٰ الـثانی فهو خلـف؛ لما‏‎ ‎‏تقرّر من الاحتیاج إلـیها.‏

‏‏و هنا جواب آخر ینقدح لی و حان وقتُـه و هو: أنّ الـصور غیر محتاجـة‏‎ ‎‏إلـیٰ الـهیولیٰ؛ لا فی الـوجود و لا فی الـتشخّص، بل الـصور غنیـة بالـذات‏‎ ‎‏إلاّ أنّ إمکان الأخسّ اقتضیٰ نزول الـفیض منها إلـیٰ ما هو دونها و هو‏‎ ‎‏الـهیولیٰ، و هو محتاج إلـیها وجوداً و شخصیـة.‏

‏‏إن قلـت: تشخّص الـصور بالأعراض، و الأعراض لا تکون مشخّصـة إلاّ‏‎ ‎‏بالانفعال، و هو لا یمکن إلاّ بالـهیولیٰ فیدور.‏

‏‏قلـت: الأعراض حدود الـصور و أمارات الـشخصیـة و لا مدخلـیـة لها‏‎ ‎‏فی أصل الـمشخّصیـة، و لذلک تبقیٰ شخصیـة الـصور فی الـبرزخ بلا احتیاج‏‎ ‎‏إلـیٰ جعلـها ممدودة الـید الـیها، فلـیتدبّر.‏

‏‏من العبد السیّد مصطفیٰ الخمینی عفی عنه‏

‏‏ ‏