فصل (5) فی الوضع
قوله: و هو کون الـجسم.[4 : 220 / 19]
أقول: و تعریفـه علـیٰ ما صرّح بـه الـشیخ: أنّـه هیئـة حاصلـة للـشیء بسبب نسبـة أجزائـه بعضها إلـیٰ بعض، و بسبب نسبتها إلـیٰ الاُمور الـخارجیـة عنـه أو الـداخلـیـة فیـه.
أقول: مقولـة الـوضع تنقسم إلـیٰ الـتامّ و الـناقص. أمّا الـتامّ فهو تمام الـنسبتین و مجموعهما من حیث الـمجموع، و أمّا الـناقص فهو نسبـة الأجزاء بعضها إلـیٰ بعض، هکذا فی أساطیر الـقوم.
و الـتحقیق: أنّ تعریف الـوضع بالـنسبتین غیر صحیح؛ بداهـة أنّ الـوحدة و الـوجود معتبران فی الـمقسم و الأقسام، و فی الـمقولات الـعرضیـة لابدّ من الاتّحاد و الـطبیعیـة، و الـنسبتان لا وحدة حقیقـة لهما، و
کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [صدرالدین شیرازی ]صفحه 420 الـوحدة الاعتباری غیر کافٍ کما صرّح بـه الـماتن فی مواضع من کتبـه.
فعلـیٰ ذلک یصیر الـوضع إمّا أمراً اعتباریاً جامعاً انتزاعیاً لمقولتین اُخریین: إحداهما نسبـة الأجزاء بعضها إلـیٰ بعضٍ، و الاُخریٰ نسبـة الـکلّ إلـیٰ الـخارج. و إمّا أمراً حقیقیاً مثل الـکمّ منقسماً إلـیٰ نوعین حقیقیین بل أحدهما قسیم الآخر.
و إن شئت توضیح ذلک فاعلـم: أنّ الـوضع هو الـنسبـة بین الـشیء و بین غیره الأعمّ من الاعتباری و الـحقیقی. فإن فصّلـناه بعنوان الـنسبـة الـحاصلـة من مقایسـة بعض الأجزاء إلـیٰ بعض یصیر وصفاً متّصلاً، و إن صار فصلـه ما هو الـخارج یصیر منفصلاً، فاغتنم.
من العبد مصطفیٰ
قوله: إذا کان مجرّداً عن الـمادّة.[4 : 223 / 8]
أقول: الاستدارة و الاستقامـة من الـمفاهیم الـبسیطـة، أی غیر قابلـة للـشدّة و الـضعف سواء کانتا مجرّدة أو غیر مجرّدة. و لقد صرّح هو نفسـه إذا قیل: هو أشدّ تربیعاً من الآخر، أو قیل: هو أشدّ عدلاً من الآخر، فهو بلـحاظ الـقُویٰ الـحسّیـة لا الـعقلـیـة و إلاّ فعندها لیست الأشدّیـة متصوّرة. فالاستقامـة و ان کانت مادّیةً لا ینطبق إلاّ علـیٰ الـفرد الـمعیّن، ولو کان شیء أشدّ استقامة فهو بلـحاظ الـحسّ، و إلاّ بلـحاظ الـعقل لیسا کلاهما مستقیماً فإمّا أحدهما مستقیم و إمّا کلاهما غیر مستقیم، و هکذا الاستدارة. هذا بحسب الـعقل و اللـغـة.
و أمّا الانحناء فهو و إن کانت مجرّدة قابلـة للـصدق علـیٰ الـمتفاوتین و الـمختلـفین فی الـضعف و الـشدّة، فإنّ الـمتقدّرات الـذهنیـة تتبع
کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [صدرالدین شیرازی ]صفحه 421 الـمتقدّرات الـعینیـة فی کثیر من الأحکام، و هذا أیضاً بحسب الـعقل و الـنقل.
و الـسرّ کلّ الـسرّ: أنّ الأشکال ینقسم إلـیٰ قسمین و طائفتین: طائفـة منها أشکال نفسیّـة بسیطـة و لا تلاحظ فیها شیء آخر إلاّ نفس ذاتـه و لیست مفهوماتها مبتنیـة علـیٰ مفاهیم خارجـة عن حیطـة حقیقتـه فهو مثل الاستقامـة و الـتربیع و الاستدارة، فإنّ هذه کلّها مفاهیم ثابتـة معلومـة الـکنـه بلا احتیاج إلـیٰ مفاهیم اُخر. و الـطائفـة الـثانیـة هی الأشکال الـتی یحتاج إلـیٰ لحاظ أمر آخر فی لحاظ أصل الـمفهوم و حقیقتـه فهو مثل الانحناء و الانکسار و ما یقرب منهما، فإنّ الانحناء عبارة عن الـخطّ الـخارج عن طریق الاستقامـة و هکذا الانکسار یکون حالُـه هکذا.
فالـخطّ إذا خرج عن حدّ الاستقامـة فهو الـمعوجّ و لذلک یشتدّ و یضعف، کلّما کان قریباً منـه فهو أضعف فی الاعوجاج، و کلّما کان بعیداً عنـه فهو أشدّ فی الاعوجاج و الانحناء.
فما قد یقال: بأنّ الانحناء لـه مرتبـة واحدة فقد غفل عن تلـک الـنکتـة فلا تذهل. و من هنا تحصّل أمر آخر و هو أنّ الانحناء فی قبال الاستقامـة مثل الـسکون فی قبال الـحرکـة یمکن اعتباره بوجـه یکون ضدّاً لـه أو مخالـفاً لـه بالـنوع و یمکن اعتباره بوجـه یکون عدمیاً، تأمّل.
کتابتعلیقات علی الحکمه المتعالیه [صدرالدین شیرازی ]صفحه 422