المطلب الأوّل معنی قوله علیه السلام بینا أنت أنت صرنا نحن نحن
اعلم أنَّ الغرض من قوله علیه السلام: «بینا أنت أنت صرنا نحن نحن» بعدما تذکّرت من تحقیق معنی هذا الترکیب هو أنَّ الذات الأحدیّة کان حیث لا جهة فیه ولا جهة، ولا حیث ولا حیث، ولا اسم ولا رشم، ولا نعت ولا وصف، ولا حمل ولا وضع، ولا إشارة ولا عبارة، بل کان هو من دون أن یقال: هو هو بالتکریر، وهی المرتبة اللائقة بالأحدیّة الحقّة الصّرفة، تعالی کبریاء ذاته عن وصمة الکثرة حتّی من اعتبار الجهة والحیثیّة، بل قاطبة تلک الکثرات الأسمائیّة والصفاتیّة فإنّها بعد الذات بمراتب، ویتباعد عنها تباعد الأرض والسماوات بسیاسب.
وبالجملة: لمّا کان فی مرتبة الأحدیّة هکذا و کانت ذاته ذاتاً لاعلامة، نظر سبحانه إلی نفسه ورأی ذاته بأ نّه هو، انبجست منه الأشیاء کلّها وتسبب وجود الحقائق بقضّها وقضیضها، وتصیّرت الذوات کبیرها وصغیرها، وتذوّتت الماهیّات عظیمها وحقیرها دفعة سرمدیّة خارجة عن الکیفیّة والحیثیّة مُتعالیة عن الفکرة والرویّة، مُقدّسة عن أن یشذّ منها شیء صغیراً کان أو کبیراً أو یعزب عنها مثقال ذرّة فی الأرض والسماء، وهذا هو معنی
کتابالتعلیقه علی الفوائد الرضویهصفحه 149
قوله علیه السلام: «بینا أنت أنت صرنا نحن نحن».
وممّا یؤیّد أ نّه تعالی فی المرتبة الأحدیّة هکذا - سواء کان قبل الخلق أو معها، وأ نّه فی تلک المرتبة وحده لا هو هو - أخبار کثیرة منها ما ورد عن الرضا علیه السلام الذی هو مربیّ أولاد العجم فی جواب مسألة عمران علی ما رواه شیخنا الصدوق فی توحیده، وفی عیون أخبار الرضا علیه السلام أ نّه قال بعد کلام: (لم یزل تعالی واحداً لا شیء معه فرداً لا ثانی معه، لا معلوماً ولا مجهولاً، ولا مُحکماً ولا مُتشابهاً، ولا مذکوراً ولا منسیّاً) ... الخبر، فتبصّر.
کتابالتعلیقه علی الفوائد الرضویهصفحه 150