الرابع الاستمناء
ولا خلاف فی مفطریّتـه إجمالاً، وعلیـه الإجماعات الـمحکیّـة عن «الانتصار» و«الـوسیلـة» و«الـغنیـة» و«الـتذکرة». وعن «الـمدارک»: «علیـه أجمع الـعلماء کافّـة» ولعلّـه ناظر إلـیٰ رأی الـمخالـفین، ففی «الـخلاف»: «أنّـه قول الـمالـک والـشافعیّ، واختلافهما فی الـکفّارة».
وحکی إجماعات عن الـمتأخّرین، کـ «الـمنتهیٰ» و«الـذخیرة» و«الـحدائق».
وحیث إنّ الـمسألـة روائیّـة، فالـمستند قبل هذه الـشهرات
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 307 والإجماعات هی الـمآثیر والأخبار، وقبل الـخوض فیها لا بأس بالإشارة إلـیٰ أنّ خروج الـمنیّ لایضرّ بالـضرورة نصّاً وفتویً؛ فإنّ الاحتلام لایفسد الـصوم، کما یمکن أن نشیر إلـیٰ أخباره.
وأیضاً: ممّا لا إشکال فیـه حسب الـنصّ والـفتویٰ؛ أنّـه إذا قصد الإمناء فأمنیٰ أنّـه یفسد صومـه، وهذا هو الـقدر الـمتیقّن من الأخبار والإجماعات الـسابقـة.
إن قلت: أمّا الإجماعات فلا حجّیّـة لـها بعد ما اُشیر إلـیـه، وأمّا الأخبار فهی کلّها ناظرة إلـیٰ غیر هذه الـصورة.
نعم، یمکن دعوی الأولویّـة الـقطعیّـة ومفروغیّـة الـمسألـة، وأنّـه یستفاد منها أنّ الاستمناء مفطر، وما هو یقرب منـه أیضاً مفطر.
قلت: نعم، الأخبار بجملتها وإن کانت فی مسألـة اُخریٰ ومسیر آخر، ولاینبغی الـخلط کما قد یتوهّم وتوهّمـه بعضهم، ولکنّ الإنصاف یشهد علیٰ أنّها تدلّ بالـوجـه الـمزبور علیٰ مفطریّـة الاستمناء، وهو مقتضیٰ إطلاق قولـه علیه السلام: «لایضرّ الصائم ما صنع إذا اجتنب الأکل والشرب والنساء».
والـتفخیذ والاستمناء بهنّ خلاف الاجتناب منهنّ، وکأنّ الـمفروض فی الأخبار هو أنّ الـصائم الـمسلم لایفعل حراماً، کالاستمناء بهنّ، فإذا یجب الاجتناب عن امرأتـه فعن غیرهنّ أولیٰ وأوضح.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 308 ویدلّ علیٰ خصوص هذه الـمسألـة معتبر عبدالـرحمان بن الـحجّاج قال: سألت أبا عبداللّٰه علیه السلام عن الرجل یعبث بأهله فی شهر رمضان حتّیٰ یمنی.
قال: «علیه من الکفّارة مثل ما علی الذی یجامع».
فإنّ کلمـة «حتّیٰ» وإن تأتی لـمعانٍ، إلاّ أنّ الأظهر من بینها أنّها للغایـة.
اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّ الـغایـة علیٰ وجهین؛ إحداهما: ما تکون لأجلها الـحرکـة، والاُخریٰ: ما تکون إلـیها الـحرکـة، وما هو الـمفید هو الأوّل، ودون إثباتـه خرط الـقتاد.
فبالجملة: تحصّل لـحدّ الآن أنّ الإمناء بمعنی الـقصد لـلإخراج والـتعمّد إلـیـه، بلا دلیل إلاّ الإجماعات الـمعلوم حالـها وإطلاق معتبر ابن مسلم.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 309