تمهید
المتعارف جعل العنوان المتکفّل لجهة البحث قبل الورود فیه، ولکنّ العلاّمة الخراسانی رحمه الله لم یعنون ذلک، وما هذا إلاّ للزوم الشبهة فیما عنونه القوم:
فعنون جماعة منهم البحث هنا هکذا: «فی علائم الحقیقة والمجاز وأماراتهما».
وأنت خبیر : بأنّ جهة البحث هنا حول تشخیص المعنی التصوّری للألفاظ؛ وحدود ما هو الموضوع له، وأمّا الحقیقة والمجاز فهما من الأوصاف الطارئة علی الاستعمال، ولا بحث هنا فی ذلک قطعاً.
وعنونه العلاّمة الأراکی رحمه الله هکذا: «فی علائم الوضع».
وقد عرفت منّا : أنّ «الوضع» سواء کان المراد منه المعنی المصدریّ القائم بالواضع، أو المعنی الحاصل من المصدری، لیس مورد البحث فی مباحث الوضع؛ ضرورة أنّ ما هو مورد الکلام هناک، بعد الفراغ عن حصول العلقة بین
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 187 قوافل الألفاظ وسلسلة المعانی، وتلک العلقة معلولة العلل المتعدّدة، فعلیه لاتکون الجهة المبحوث عنها هنا ذلک.
فما هو الحریّ بأن یجعل عنواناً للبحث هو هکذا: «فی تشخیص ماهو طرف تلک العلقة المفروغ عنها» فإنّ الأدلّة المذکورة فی المقام تمامها منسوجة لفهم ذلک، وأنّ اللفظ وجوده معلوم، ومعناه ـ وهو ما ینتقل منه إلیه بدون الواسطة الاُخریٰ والدخیل الآخر ـ مجهول بشخصه، ومعلوم بأصله، أی أصل کون هذا اللفظ ذا معنی واضح؛ ولکنّه بخصوصیّته وتشخّصه مجهول، فالبحث هنا حول ما یستدلّ به علیٰ تشخیصه وتمییزه.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 188