تذنیب : هل الألفاظ موضوعة للمعانی العامّة ؟
المشهور فی بعض العلوم : أنّ الألفاظ موضوعة للمعانی العامّة، مثلاً «الکتاب» موضوع لما ینتقش فیه؛ سواء کان مادّیاً، أو مجرّداً، وسواء کان نقشه معقولاً، أو محسوساً، أو متخیّلاً، أو موهوماً، وهکذا غیره من الألفاظ المستعملة فی الکتاب والسنّة، کـ «السماء، والأرض، والجنّة والنار، والحساب، والمیزان، والصراط، والدار، والشجر، والماء، والعسل» وغیر ذلک من العناوین الدارجة فی المآثیر والأخبار المتعلّقة لأحکام المجرّدات، وأحوال المعاد والقیامة، والجنّة والنار.
ولو کانت الموضوعات لها المعانی الخاصّة الملحوظ بلحاظ الواضعین القاصرین، للزم المجازات الکثیرة. وبعدما اتضح من صحّة الوضع الخاصّ والموضوع له العامّ، فلا منع من الالتزام بذلک.
أقول : نعم ، إلاّ أنّ ما عرفت من إمکانه هو ما إذا صرّح الواضع بالعلّة، حتّیٰ یسری الوضع إلی عموم الموضوع له، وما نحن فیه من العلّة المستنبطة، لا المنصوصة.
مع أنّ الوضع متوقّف علی الإنشاء، وحدود الإنشاء إذا کانت مضیّقة فلایسری إلی المعنی الأعمّ، ومجرّد فرض السؤال عن الواضع لایکفی لعموم الموضوع له، بل لابدّ من لحاظ العموم.
فدعویٰ : أنّ هذه الألفاظ موضوعة للمعانی العامّة ـ کما صرّح به الحکیم
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 131 السبزواری قدس سره والوالد المحقّق ـ مدّظلّه فی بعض کتبه فی بعض العلومـ مطابقة للذوق، إلاّ أنّها غیر موافقة للبرهان.
وأمّا لزوم المجاز والکنایة، فهو ممّا لا بأس به بعد کون المقصود من المجاز هو التلاعب فی المعانی، لا الألفاظ، کما سیأتی تفصیله، فلا مانع من إطلاق «الجنّات» و «النیران» علیٰ ما فی الآخرة المشابهة لهما فی الأثر، وإن کانت مختلفة بالحقیقة فرضاً.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. ۱)صفحه 132