المسألة الاُولیٰ : فی الاستمناء بالنظر وتصویر الصور
وربّما کان لأجل عدم ارتباط نصوص الـمسألـة بهذه الـصورة، ذهب جمع إلـیٰ أنّ الاستمناء بالـنظر وتصویر الـصورة الـواقعیّـة أو الـخیالـیّـة أو
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 309 نحو ذلک، لـیس بمبطل، إمّا مطلقاً کما یظهر من «الـخلاف» و«الـسرائر» بل وفی «الـشرائع» وغیرها.
أو مقیّداً بما إذا کان الـنظر إلـیٰ من یحلّ الـنظر إلـیـه، کما نسب إلـیٰ ابن أبی عقیل، والـمفید، وسلاّر، وابن الـبرّاج، بل والـسیّد فی طائفـة من کتبـه وغیره، کالـعلاّمـة، بل وابن حمزة.
فما قد یتوهّم: من أنّ رأیهم بعدم الـمبطلیّـة بلا وجـه بعد ثبوت الإجماعات الـمطلقـة، أو بعد ورود الـنصوص الـکثیرة فی الـعبث بالـتقبیل والـملامسـة واللزق واللصق، غیر تامّ جدّاً؛ لأنّ هؤلاء من أعظم الـمجمعین، فلا إجماع بعد خلافهم، وأنّ الأخبار أجنبیّـة جدّاً عن مسألـة الاستمناء؛ بمعنیٰ أنّـه یعبث بأهلـه لأجل إخراج الـمنیّ. وما فی «الـریاض» من حمل فتواهم علیٰ فرض عدم الـقصد إلـی الإمناء، یشهد علیٰ إمکان
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 310 حملـه علیٰ هذه الـصورة.
فبعد اللتیّا والـتی، إنّ فی صورة الـقصد إلـی الإنزال مع الاشتغال بالأسباب الـمتعارفـة الـمنتهیـة عادةً إلـیٰ خروج الـمنیّ، یبطل الـصوم؛ لأنّـه الـمستفاد من الـمفروغیّـة الـظاهرة من الأخبار، حیث إنّ الأسئلـة فیها تکون بعد الـفراغ عن مبطلیّـة ذلک، وأمّا قصد الإنزال بالأسباب غیر الـعادیّـة کالـنظر والـتصویر، فهی لـمکان ندرتها یشکل إثبات مفطریّتها، ولاسیّما بعد الاختلاف الـمشاهد بین الأعـلام کمـا عرفـت؛ بناءً علیٰ ما احتملناه فی کلماتهم.
اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّ خبر أبی بصیر قال: سألـت أباعبداللّٰه علیه السلام عن رجل وضع یده علیٰ شیء من جسد امرأتـه فأدفق. فقال: «کفّارته أن یصوم شهرین متتابعین، أو یطعم ستّین مسکیناً، أو یعتق رقبة» یدلّ علیٰ أنّ الأسباب غیر الـمعتادة أیضاً توجب الـبطلان.
ولکنّ الـشأن أنّـه مضافاً إلـیٰ ضعف الـسند، لایکون إطلاقـه معمولاً بـه قطعاً؛ لأنّ لازمـه الـبطلان ولو لـم یقصد الإنزال، ویعارضـه الأخبار الاُخر الآتیـة إن شاء اللّٰه تعالـیٰ.
فبالجملة: إثبات مفطریّـة الاستمناء الـعمدیّ بالأسباب غیر الـعادیّـة،
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 311 فی غایـة الإشکال ولو کانت عادیّـة بالـنسبـة إلـیٰ شخص خاصّ.
واستفادة الـمفطریّـة لـهذه الـصورة من الأخبار الآتیـة بالأولویّـة، غیر ممکن؛ لأنّ من الـمحتمل دخالـة الاعتیاد فی الـمنع، فلا بأس بأن یکون اللعب من الـمعتاد أو ممّن لایثق بنفسـه ولا یأمن منها، مفطراً وإن لـم یقصد الإنزال. وعلیـه لـم یکن قصد الإنزال بوضع رأس الأصبع علیٰ جسد الـمرأة ولم یکن معتاداً بالإمناء، مفطراً.
وربّما یستظهر من معتبر الـحلبیّ أنّ الـمسّ إذا انتهیٰ إلـی الإمناء یبطل، وهو من غیر الـعادیّات. وأیضاً یستظهر من الـطائفـة الـثالـثـة الآتیـة أنّ مجرّد الإمناء الـعمدیّ لایضرّ.
وبالجملة: أیضاً تثبت مفطریّتـه بناءً علی الـملازمـة بأنّ کل ما یوجب الـغسل، یکون عمده مفطراً، وقد عرفت الـکلام حولها.
وممّا یؤیّد عدم تمامیّتها ظاهراً: أنّ من احتلم فی شهر رمضان، ثمّ أنزل ثانیاً عمداً، لایجب علیـه الـغسل لـلإنزال، مع أنّـه یبطل صومـه بالـضرورة، فتدبّر.
هذا تمام الـکلام فی الـمسألـة الاُولیٰ من مسائل الاستمناء.
کتابتحریرات فی الفقه: کتاب الصومصفحه 312