مصباح 50
هل بلغک من تضاعیف إشارات الأولیاء، علیهم السلام، و کلمات العرفاء، رضی اللّه عنهم، أنّ الألفاظ وضعت لأرواح المعانی و حقائقها؟ و هل تدبّرت فی ذلک؟ و لعمری، أنّ التدبّر فیه من مصادیق قوله(ع): تَفَکُّرُ سَاعَةٍ خَیرٌ مِن عِبَادَةِ سِتّینَ سَنَةً. فإنّه مفتاح مفاتیح المعرفة و أصل أصول فهم الأسرار القرآنیة. و من ثمرات ذلک التدبّر کشف حقیقة الإنباء و التعلیم فی النشآت و العوالم. فإنّ التعالیم و الإنباآت فی عالم الروحانیّات و عالم الأسماء و الصفات غیر ما هو شاهد عندنا، أصحاب السجون و القیود وجهنام الطبیعة و أهل الحجاب عن أسرار الوجود.
فاخرج نفسک أیّها الکاتب الغیر المجاهد و المطرود و الملعون المعاند عن هذا السجن المظلم؛ و ابعثها عن ذاک القبر الموحش؛ و قل: اللّهمّ، یا باعث من فی القبور، و یا ناشر یوم النشور، ابعث قلوبنا عن هذه القبور الداثرة، و ارحل راحلتنا عن تلک القریة الظالمة، لنشاهد من أنوار معرفتک، و تسمع قلوبنا أنباء نبیّک فی النشأة القلبیّة، لئلّا یکون حظّنا من نبوّته(ص) فقط حفظ دمائنا و أموالنا بإجراء الکلمة علی اللسان، و لا من أحکامه الإجزاء الفقهی و الوفاق الصوری، و لا من کتابه جودة القراءة و تعلّم تجویده، فنکون ممّن قال تعالی فیهم: «وَ عَلَی سَمعِهِم وَ عَلَی أَبصارِهِم غِشاوَةٌ.» و قال تعالی: «فی قُلُوبِهِم مَرَضٌ» و قال تعالی: «وَ إن مِنهُم لَفریقاً یلوُونَ ألسِنَتَهُم بالکِتابِ . . . .» الآیة.
کتابمصباح الهدایة الی الخلافة والولایةصفحه 39