تذیـیل : حول دلالة آیة النبأ علیٰ عدم حجیة الخبر
ربّما یمکن دعویٰ: أنّ مفاد التعلیل فی ذیل آیة النبأ، المنع عن کلّ الإصابات التی فیها الجهالة، ولا شکّ فی أنّ الاتکاء علی الخبر الواحد غیر الحاصل منه العلم العادیّ، من موارد الندم والإصابة بجهالة؛ ضرورة أنّ الجهالة من الصفات النفسانیّة، وهی حاصلة فی موارد الظنون الخاصّة.
وتوهّم: أنّ فی مورد الجهل المرکّب، تکون الإصابة بجهالة، وتحصل الندامة، بل ربّما تحصل الندامة حتّیٰ فی صورة العلم، فما هو المناط هو أمر آخر، ولیس ذیلها فی حکم التعلیل للحکم، غیر سدید؛ لعدم إمکان ردع العالم بالواقعة . هذا أوّلاً.
وما هو العلّة هی الجملة الاُولیٰ، وأمّا الجملة الثانیة فهی أثر التخلّف عن الحکم، کما لا یخفیٰ. وهذا ثانیاً.
والذی هو الأقرب: أنّ الجهالة فی قبال التبیّن، هی الإقدام بلا تبیّن وتفحّص وتدبّر ومحاسبة عقلائیّة.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 429 وقد قیل: «إنّ الجهالة هی السفاهة ، وهی غیر الجهل» وسیمرّ علیک تحقیقه فی محلّه إن شاء الله تعالیٰ.
وعلیٰ هذا، تکون الآیة رادعة عن کلّ الاُمور التی فیها الإقدام المنتهی إلی التندّم؛ إذا أقدم الإنسان علیها بلا تبیّن، وأصاب القوم بجهالة وسفاهة بغیر تفکّر وتدبّر، ولا شبهة فی أنّ الاتکال علی الخبر الواحد القائم به العدل الثقة، لیس فیه السفاهة والجهالة وإن یستلزم الندامة، کما فی صورة العلم الوجدانیّ أحیاناً.
ولأحد دعویٰ: أنّ إطلاق التعلیل، یقتضی وجوب التبیّن فی موارد الاُمور العادیّة والمسائل الشخصیّة غیر الشرعیّة، وهو ممنوع الوجوب قطعاً، فتکون الآیة أجنبیّة عمّا نحن فیه، وعن مسألة حجّیة الخبر الواحد بالمرّة.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 6)صفحه 430