الأمر الثانی فی الواضع و حقیقة الوضع
نسخه چاپی | ارسال به دوستان
برو به صفحه: برو

نوع ماده: کتاب فارسی

پدیدآورنده : سبحانی تبریزی، جعفر

محل نشر : تهران

ناشر: موسسه تنظیم و نشر آثار امام خمینی(ره)

زمان (شمسی) : 1387

زبان اثر : عربی

الأمر الثانی فی الواضع و حقیقة الوضع

الأمر الثانی فی الواضع وحقیقة الوضع

‏ ‏

‏إنّ من العسیر جدّاً تحلیل اُصول الألسنة المتنوّعة المنتشرة فی أرجاء الدنیا‏‎ ‎‏وأطراف العالم ، والذی یمکن الاعتماد علیه ـ ویؤیّده العلم والتجربة ـ هو تکامل‏‎ ‎‏الإنسان قرناً بعد قرن فی شؤونه وأطواره فی عیشته وحیاته ، وفیما یرجع إلیه من‏‎ ‎‏النواحی الاجتماعیة والمدنیة ، بعد ما کان خلواً من هذه الجهات الحیویة .‏

‏ومن تلک النواحی تکثّر لسانه وتزاید أفراده ، بل توسّع لسان واحد علی‏‎ ‎‏حسب مرور الزمان ووقوفه أمام تنوّع الموجودات والمصنوعات ؛ فاللسان الواحد‏‎ ‎‏ـ کالعربی أو العبری ـ لم یکن فی بدء نشأته إلاّ عدّة لغات معدودة ، تکمّلت علی‏‎ ‎‏حسب وقوفهم علی الأشیاء ، مع احتیاجهم أو اشتیاقهم إلی إظهار ما فی ضمائرهم‏‎ ‎‏إلی أن بلغت حدّاً وافیاً ، کما هو المشاهَد من المخترعین وأهل الصنعة فی هذه‏‎ ‎‏الأ یّام .‏

‏نعم ، تنوّع أفراده إنّما هو لأجل تباعد الملل وعدم الروابط السهلة بین‏‎ ‎‏الطوائف البشریة ؛ فاحتاج کلّ فی إفهام مقاصده إلی وضع ألفاظ وتعیین لغات .‏

وعلیه :‏ فلیس الواضع شخصاً واحداً معیّناً ، بل اُناس کثیرة وشِرذِمة غیر‏

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 21

‏قلیلة ، علی اختلافهم فی العصور وتباعدهم فی الزمان .‏

‏وما عن بعضهم من أنّ الواضع هو الله تعالی ، وقد ألهم بها أنبیائه وأولیائه ؛‏‎ ‎‏مستدلاًّ بلزوم العلاقة بین الألفاظ ومعانیها ؛ دفعاً للترجیح بلا مرجّح ، وامتناع‏‎ ‎‏إحاطة البشر علی خصوصیات غیر متناهیة‏‎[1]‎‏ .‏

‏غیر مسموع ؛ إذ المرجّح لاینحصر فی الرابطة بین اللفظ والمعنی ، بل قد‏‎ ‎‏یحصل الترجیح باُمور اُخر ، کسهولة أدائه أو حسن ترکیبه أو غیر ذلک ، علی أنّ‏‎ ‎‏الامتناع مسلّم لو کان الواضع شخصاً معیّناً محدوداً عمره ووقته .‏

ثمّ‏ إنّ دعوی وجود المناسبة الذاتیة بین الألفاظ ومعانیها ـ کافّة ـ قبل الوضع‏‎ ‎‏ممّا یبطله البرهان المؤیّد بالوجدان ؛ إذ الذات البحت البسیط الذی له عدّة أسماء‏‎ ‎‏متخالفة من لغة واحدة أو لغات : إمّا أن یکون لجمیعها الربط به ، أو لبعضها دون‏‎ ‎‏بعض ، أو لا ذا ولا ذاک ؛ فالأوّل یوجب ترکّب الذات وخروجه من البساطة‏‎ ‎‏المفروضة ، والأخیران یهدمان أساس الدعوی .‏

‏والتمسّک بأنّه لولا العلاقة یلزم الترجیح بغیر المرجّح قد عرفت جوابه ؛ وأنّ‏‎ ‎‏الترجیح قد یحصل بغیر الربط . وأمّا حصوله بعد الوضع فواضح البطلان ؛ لأنّ تعیین‏‎ ‎‏لفظٍ لمعنی لایصیر علّة لحصول علاقة واقعیة تکوینیة ؛ إذ الاعتبار لایصیر منشأً‏‎ ‎‏لحصول أمر واقعی حقیقی ، والانتقال إلی المعنی إمّا لأجل بناء المستعملین علی‏‎ ‎‏کون استعمالهم علی طبق الوضع ، أو لجهة الاُنس الحاصل من الاستعمال .‏

‏وما ربّما یقال : من أنّ حقیقة الوضع لو کانت اعتباریة ودائرة مدار الاعتبار‏‎ ‎‏یلزم انعدام هذه العُلقة بعد انقراض المعتبرین وهلاک الواضعین والمستعملین‏‎[2]‎‏ ،‏‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 22

‏فلا ضیر فی الالتزام به ؛ إذ هذا هو الفرق بین القوانین الحقیقیة الفنّیة ـ کقانون‏‎ ‎‏الجاذبة وسیر النور وأوزان الأجسام ـ وبین الاعتباریة ـ کقانون الازدواج والنظام ـ‏‎ ‎‏فإنّ الاُولی ثابتة محقّقة ؛ کشفت أو لا ، لوحظ خلافها أم لم یلحظ ، بخلاف الثانیة ؛‏‎ ‎‏فإنّ سیرها وأمَد عمرها مربوط بامتداد الاعتبار .‏

‏فاللغات المتروکة البائد أهلها ، المقبورة ذواتها وکتبها مسلوبة الدلالة ،‏‎ ‎‏معدومة العُلقة ، کقوانینها الاعتباریة .‏

وأمّا حقیقة الوضع :‏ فهی ـ علی ما یظهر من تعاریفها ـ عبارة عن جعل اللفظ‏‎ ‎‏للمعنی وتعیینه للدلالة علیه ، وما یری فی کلمات المحقّقین من التعبیر‏‎ ‎‏بالاختصاص‏‎[3]‎‏ أو التعهّد‏‎[4]‎‏ فهو من آثار الوضع ونتائجه ، لانفسه .‏

‏وأمّا ما اُقیم علیه من البرهان : من أنّه لایعقل جعل العلاقة بین أمرین لا‏‎ ‎‏علاقة بینهما ، وإنّما المعقول هو تعهّد الواضع والتزامه بأنّه متی أراد إفهام المعنی‏‎ ‎‏الفلانی تکلّم بلفظ کذا‏‎[5]‎‏ ؛ فهو حقّ لو کان الوضع إیجاد العلاقة التکوینیة ، وأمّا‏‎ ‎‏علی ما حقّقناه من أنّه تعیین اللفظ للمعنی فهو بمکان من الإمکان .‏

‏بل ربّما یکون الواضع غافلاً عن هذا التعهّد ، کما یتّفق أن یکون الواضع غیر‏‎ ‎‏المستعمل ؛ بأن یضع اللفظ لأجل أن یستعمله الغیر .‏

‏وبه یتّضح : بطلان تقسیمه إلی التعیینی والتعیّنی ؛ لأنّ الجعل والتعیین الذی‏‎ ‎‏هو مداره مفقود فیه .‏


کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 23

‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 24

  • )) فوائد الاُصول (تقریرات المحقّق النائینی) الکاظمی 1 : 30 .
  • )) مقالات الاُصول 1 : 62 ـ 64 .
  • )) کفایة الاُصول : 24 .
  • )) تشریح الاُصول : 25 / السطر18 ، درر الفوائد ، المحقّق الحائری : 35 .
  • )) درر الفوائد ، المحقّق الحائری : 35 .