الفصل الرابع فـی مقدّمـة الـواجب
الأمر الثانی‏: فی کون المسألة عقلیة محضة
نسخه چاپی | ارسال به دوستان
برو به صفحه: برو

نوع ماده: کتاب فارسی

پدیدآورنده : سبحانی تبریزی، جعفر

محل نشر : تهران

ناشر: موسسه تنظیم و نشر آثار امام خمینی(ره)

زمان (شمسی) : 1387

زبان اثر : عربی

الأمر الثانی‏: فی کون المسألة عقلیة محضة

الأمر الثانی : فی کون المسألة عقلیة محضة

‏ ‏

‏لا شکّ أنّ المسألة عقلیة محضة إذا فرضنا أنّ النزاع فی وجود الملازمة‏‎ ‎‏وعدمها ؛ إذ الحاکم علیها هو العقل ولا دخل للفظ فیها .‏

‏ودعوی کون النزاع فی الدلالة الالتزامیة وهی مع کونها عقلیة تعدّ من‏‎ ‎‏الدلالات اللفظیة‏‎[1]‎‏ مردودة :‏


کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 284

أمّا أوّلاً :‏ فلأنّ عدّ الدلالة الالتزامیة من الدلالات اللفظیة غیر صحیح ؛ لأنّها‏‎ ‎‏عبارة عن انتقال النفس من تصوّر الملزوم الموضوع له إلی تصوّر لازمه بملازمة‏‎ ‎‏عقلیة أو عرفیة ، ولیس للفظه دخالة فی هذا الانتقال ؛ سوی أنّ الانتقال إلی الملزوم‏‎ ‎‏بسبب اللفظ ، وهو لایوجب أن یعدّ ما هو من لوازم معناه من مدالیل نفس اللفظ ؛ إذ‏‎ ‎‏حکایة اللفظ تابعة لمقدار الوضع وسعته ، وهو لم یوضع إلاّ لنفس الملزوم ، فکیف‏‎ ‎‏یدلّ علی ما هو خارج عن معناه ؟ ! نعم ، للعقل أن ینتقل عن مدلوله إلی لوازمه ،‏‎ ‎‏بلا مؤونة شیء . فظهر : أنّ الالتزام عبارة عن دلالة المعنی علی المعنی ؛ ولهذا لو‏‎ ‎‏حصل المعنی فی الذهن ـ بأیّ نحوٍ ـ حصل لازمه فیه .‏

وثانیاً :‏ أنّ الفارق موجود بین المقام وبین الدلالة الالتزامیة ؛ لأنّ اللازم فی‏‎ ‎‏الدلالة الالتزامیة لازم لنفس المعنی المطابقی ؛ بحیث لو دلّ اللفظ علیه دلّ علیـه‏‎ ‎‏ولو بوسائط . لکن الانتقال إلی إرادة المقدّمة غیر حاصل من المعنی المطابقی للفظ‏‎ ‎‏الأمر ـ أعنی البعث نحو المطلوب ـ حتّی یصیر من لوازم المعنی الموضوع له ، بل‏‎ ‎‏الدالّ علیه هنا هو صدور الفعل الاختیاری من المولی ـ أعنی البعث باللفظ ـ فإنّه‏‎ ‎‏کاشف بالأصل العقلائی عن تعلّق الإرادة بهذا البعث ، ثمّ ینتقل ببرکة مرادیة البعث‏‎ ‎‏إلی أنّ مقدّماته مرادة أیضاً ، فأین الانتقال من المعنی الموضوع له ؟ ! إذ مبدأ‏‎ ‎‏الانتقال إلی إرادة الواجب ثمّ إلی إرادة مقدّماته إنّما هو نفس صدور الفعل‏‎ ‎‏الاختیاری ، لا مفاد الأمر ومعناه .‏

‏فظهر : أنّ صدور البعث اللفظی المتعلّق بشیء کاشف عـن کون فاعله مریـداً‏‎ ‎‏إیّاه لأجل کونـه متکلّماً مختاراً ، ثمّ ینتقل إلی إرادة مقدّماتـه ، وأین هـذا مـن‏‎ ‎‏الدلالة الالتزامیة ؟ !‏

‏والحاصل : أنّ إرادة المقدّمة لیست من لوازم المعنی المطابقی لنفس اللفظ‏

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 285

‏ـ أعنی البعث الاعتباری ـ بل من لوازم إرادة مدلول الأمر جدّاً ، والکاشف عنها هو‏‎ ‎‏نفس صدور أمر اختیاری من العاقل الذی تطابق العقلاء فیه علی أنّ کلّ فعل‏‎ ‎‏اختیاری صادر عنه لابدّ أن یکون لأجل کونه مراداً لفاعله ، وإلاّ یلزم کونه لغواً ،‏‎ ‎‏فهو بحکم العقلاء مراد ، فینتقل إلی إرادة ما یتوقّف علیه ومرادیته .‏

وثالثاً :‏ أنّ هذا اللزوم لیس عرفیاً ولا ذهنیاً ، بل ثبوته یتوقّف علی براهین‏‎ ‎‏صناعیة دقیقة .‏

ورابعاً :‏ أنّ هذا اللزوم لیس علی حذو اللزومات المصطلحة ، کما مرّ الإیعاز‏‎ ‎‏إلیه ، فتدبّر .‏

وأمّا کونها مسألة اُصولیة :‏ فلا شکّ أنّها کذلک ؛ لما وقفت فی مقدّمة‏‎ ‎‏الکتاب‏‎[2]‎‏ علی میزانها من «أنّها عبارة عن القواعد الآلیة التی یمکن أن تقع کبری‏‎ ‎‏لاستنتاج الحکم الفرعی الإلهی أو الوظیفة العملیة» . فحینئذٍ لو ثبت وجود‏‎ ‎‏الملازمـة یستکشف منها وجوب مقدّمات الصلاة وغیرها ؛ لأنّ البحث عن وجود‏‎ ‎‏الملازمة لیس لأجل الاطّلاع علی حقیقة من الحقائق حتّی یصیر البحث فلسفیاً ،‏‎ ‎‏بل لأنّها ممّا ینظر بها إلی مسائل وفروع هـی المنظور فیها ، ولا نعنی مـن‏‎ ‎‏الاُصولیـة غیر هذا .‏

وما عن بعض الأکابر ‏ـ أدام الله أظلاله ـ من أنّ المسألة من مبادئ الأحکام‏‎ ‎‏ـ وإن کان البحث عن وجود الملازمة ـ لأنّ موضوع الاُصول هو الحجّة فی الفقه ،‏‎ ‎‏والشیء إنّما یکون مسألة اُصولیة إذا کان البحث فیها بحثاً عن عوارض موضوع‏‎ ‎‏علمه ، ولکن البحث عن وجود الملازمات لیس بحثاً عن عوارض الحجّة فی الفقه ،‏

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 286

‏بخلاف البحث عن حجّیة الخبر الواحد وغیره‏‎[3]‎‏ .‏

غیر تامّ‏ ؛ لما تقدّم‏‎[4]‎‏ من بطلان وجوب وجود موضوع فی العلوم ـ حتّی‏‎ ‎‏الفقه واُصوله والفلسفة ـ کما أنّه لایحتاج أن یکون البحث عن العوارض الذاتیة ؛‏‎ ‎‏بأیّ معنی فسّرت .‏

‏علی أنّه لو سلّمنا لزوم وجود الموضوع فی العلوم ، وأنّ موضوع علم‏‎ ‎‏الاُصول هو الحجّة فی الفقه یمکن أن یقال : إنّ البحث عن وجوب المقدّمة بحث‏‎ ‎‏عن عوارض ذاک الموضوع ، لا بما أنّه عرض خارجی بل بما أنّه عرض تحلیلی ،‏‎ ‎‏وبذلک ینسلک أکثر ما یبحث عنه فی هذا العلم فی عداد مسائله . وأوضحناه بما‏‎ ‎‏لا مزید علیه فی مبحث حجّیة أخبار الآحاد‏‎[5]‎‏ .‏

‎ ‎

کتابت‍ه‍ذی‍ب الاص‍ول (ج.۱): ت‍ق‍ری‍ر اب‍ح‍اث الاس‍ت‍ادالاع‍ظم وال‍ع‍لام‍ه الاف‍خ‍م ... الام‍ام ال‍خ‍م‍ی‍ن‍ی (س)صفحه 287

  • )) نهایة الأفکار 1 : 261 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 19 .
  • )) نهایة الاُصول : 154 .
  • )) تقدّم فی الصفحة 14 ـ 15 .
  • )) إشارة إلی ما ذکره ـ دام ظلّه ـ فی الدورة السابقة فی ذلک المبحث ، وملخّص ما أفاده هناک : هو أنّ الأعراض الذاتیة التی یبحث فی العلم عنها أعمّ من الأعراض الخارجیة والأعراض التحلیلیة ، ألا تری أنّ موضوع علم الفلسفة هو الوجود أو الموجود بما هو موجود ، ومباحثه هی تعیّناته التی هی الماهیات ؟ ولیس نسبة الماهیات إلی الوجود نسبة العرض الخارجی إلی الموضوع ، بل العرضیة والمعروضیة إنّما هی لأجل تحلیل من العقل ، فإنّ الماهیات بحسب الواقع تعیّنات الوجود ومتّحدات معه ومن عوارضها التحلیلیة ؛ فإن قیل : الوجود عارض الماهیة ذهناً صحیح ، وإن قیل : الماهیة عارض الوجود ، فإنّها تعیّنه صحیح .     إذا عرفت ذلک فاعلم : أنّ موضوع علم الاُصول هو الحجّة فی الفقه ؛ فإنّ الفقیه لمّا رأی احتیاجه فی الفقه إلی الحجّة توجّه إلیها وجعلها وجهة نفسه وتفحّص عن تعیّناتها التی هی الأعراض الذاتیة التحلیلیة لها المصطلحة فی باب الکلّیات الخمس .     فالحجّة بما هی حجّة موضوع بحثه وعلمه وتعیّناتها التی هی الخبر الواحد والظواهر والاستصحاب وسائر المسائل الاُصولیة من العوارض الذاتیة لها بالمعنی الذی ذکرنا .     فعلی هذا یکون البحث عن حجّیة الخبر الواحد وغیره بحثاً عن العرض الذاتی التحلیلی للحجّة ، ویکون روح المسألة : أنّ الحجّة هل هی متعیّنة بتعیّن الخبر الواحد أو لا ؟     وبالجملة : بعد ما علم الاُصولی أنّ لله تعالی حجّة علی عباده فی الفقه یتفحّص عن تعیّناتها التی هی العوارض التحلیلیة لها ، فالموضوع هو الحجّة بنعت اللابشرطیة ، والمحمولات هی تعیّناتها .     وأمّا انعقاد البحث فی الکتب الاُصولیة : بأنّ الخبر الواحد حجّة أو الظاهر حجّة وأمثال ذلک فهو بحث صوری ظاهری لسهولته ، کالبحث فی الفلسفة بأنّ النفس أو العقل موجود ، مع أنّ موضوعها هو الوجود ، وروح البحث فیها : أنّ الوجود متعیّن بتعیّن العقل أو النفس أو الجوهر أو العرض .     هذا ، مع أنّه لو کان البحث فی حجّیة الخبر الواحد هو بهذه الصورة فأوّل ما یرد علی الاُصولیین : أنّ الحجّة لها سمة المحمولیة لا الموضوعیة ، کما أنّ هذا الإشکال یرد علی الفلاسفة أیضاً . ونسبة الغفلة والذهول إلی أ ئمّة الفنّ والفحول غفلة وذهول .     بل لنا أن نقول : إنّ الموضوع فی قولهم «موضوع کلّ علم ما یبحث فیه عن عوارضه الذاتیة» لیس هو الموضوع المصطلح فی مقابل المحمول ، بل المراد ما وضع لینظر فی عوارضه وحالاته ، وما هو محطّ نظر صاحب العلم .     ولا إشکال فی أنّ محطّ نظر الاُصولی هو الفحص عن الحجّة فی الفقه ووجدان مصادیقها العرضیة وعوارضها التحلیلیة ، فالمنظور إلیه هو الحجّة لا الخبر الواحد ، فافهم واغتنم .     إن قلت : هب أنّ البحث عن الحجّیة فی مسائل حجّیة الظواهر والخبر الواحد والاستصحاب وأمثالها ممّا یبحث عن حجّیتها یرجع إلی ما ذکرت ، ولکن أکثر المسائل الاُصولیة لم یکن البحث فیها عن الحجّیة أصـلاً ، مثـل مسألـة اجتماع الأمـر والنهی ووجوب مقدّمـة الواجب     ومسائل البراءة والاشتغال وغیرها ممّا لا اسم عن الحجّیة فیها .     قلت : کلاّ ، فإنّ المراد من کون موضوع علم الاُصول هو الحجّة هو أنّ الاُصولی یتفحّص ممّا یمکن أن یحتجّ به فی الفقه ؛ سواء کان الاحتجاج لإثبات حکم أو نفیه ـ کحجّیة خبر الثقة والاستصحاب ـ أو لإثبات العذر وقطعه ، کمسائل البراءة والاشتغال .     والتفصیل : أنّ المسائل الاُصولیة : إمّا أن تکون من القواعد الشرعیة التی تقع فی طریق الاستنباط ، کمسألة حجّیة الاستصحاب وحجّیة الخبر الواحد ، بناءً علی ثبوت حجّیته بالتعبّد ، وإمّا أن تکون من القواعد العقلائیة ، کحجّیة الظواهر والخبر الواحد ، بناءً علی ثبوت حجّیته ببناء العقلاء ، وإمّا من القواعد العقلیة التی تثبت بها الأحکام الشرعیة ، کمسائل اجتماع الأمر والنهی ومقدّمة الواجب وحرمة الضدّ من العقلیات ، وإمّا من القواعد العقلیة لإثبات العذر وقطعه ، کمسائل البراءة والاشتغال .     وکلّ ذلک ما یحتجّ به الفقیه إمّا لإثبات الحکم ونفیه عقلاً أو تعبّداً أو لفهم التکلیف الظاهری . ولیس مسألة من المسائل الاُصولیة إلاّ ویحتجّ بها فی الفقه بنحو من الاحتجاج ، فیصدق علیها إنّها هو الحجّة فی الفقه . [المؤ لّف] .