الجهة الاُولیٰ : فی استصحاب الشخصیّ
بناءً علیٰ کون الواجب هو الصلاة الموقّتة، فاستصحاب الوجوب الشخصیّ مشکل؛ ضرورة أنّ الصلاة المطلقة والمقیّدة موضوعان.
وما قیل: «من أنّ القیود علیٰ قسمین: قسم یعدّ من المقوّمات، وقسم یعدّ من الحالات، والوقت من الثانیة، لا الاُولیٰ» فی غیر محلّه؛ لأنّ هذا التفصیل یتمّ بالنسبة إلیٰ الاُمور الخارجیّة.
مثلاً: قیدا الکلبیّة والملحیّة من المقوّمات، فلا یجری استصحاب نجاسة ما کان کلباً، ثمّ صار ملحاً. وقیود العلم والجهل والفسق والعدالة من الحالات، فیصحّ إجراء استصحاب وجوب إکرام زید حال العلم إلیٰ حال الجهل وهکذا.
وأمّا بالنسبه إلیٰ العناوین الکلّیة، فجمیع القیود تعدّ من المقوّمات، وعنوان الکلّی المطلق مغایر مع عنوان الکلّی المقیّد، فلا یمکن إجراء استصحاب نجاسة الماء المتغیّر؛ لإثبات نجاسة الماء المطلق، وهکذا لا یصحّ إجراء استصحاب
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 68 وجوب الصلاة المقیّدة؛ لإثبات وجوب مطلق الصلاة خارج الوقت.
والعجب، أنّ المحشّی المزبور صرّح فی غیر هذا الموقف: «بأنّ جمیع العناوین فی عالم العنوان متباینات»!!
بل غیر خفیّ: أنّ إطلاق الصلاة خارج الوقت لا یکون محفوظاً، ویکون الواجب هو الصلاة خارج الوقت، فتکون مقیّدة بضدّ القید فی حال الیقین؛ فإنّه فی حال الیقین کان الواجب هی الصلاة المقیّدة بالوقت، وفی حال الشکّ یکون المقصود إثبات وجوب الصلاة المقیّدة بخارج الوقت، فتأمّل جیّداً.
هذا کلّه بناءً علیٰ کون الواجب هو الصلاة المقیّدة بالوقت.
وأمّا بناءً علیٰ کون الواجب هو الصلاة من أوّل الزوال إلی الغروب، فیکون للإرادة أمد یشرع من أوّل الزوال، ویختم فی أوّل الغروب، فإنّه ـ بحسب اللبّ ومقام الثبوت یکون الواجب مقیّداً بالضرورة. وقد مضیٰ عدم صحّة القضایا الحینیّة فی الواجبات الشرعیّة والقوانین العرفیّة.
ولکن لا ینبغی الخلط بین مقام الثبوت واللبّ، وبین مقام الإثبات والإنشاء، وقد تقرّر فی مباحث العامّ والخاصّ: التزام جمع بأنّ العمومات بعد التخصیص، لا تصیر معنونة بعناوین الخاصّ. وتظهر الثمرة فی مجری الاُصول العملیّة والاستصحاب، والتفصیل فی محلّه.
وفیما نحن فیه أیضاً یکون الأمر کذلک؛ فإنّه تارة: یکون فی ظرف الوجوب الطبیعة متقیّدة.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 69 واُخریٰ: تکون هی بحسب مقام الإنشاء مطلقة، وتکون القضیّة حینیّة ظاهراً وإنشاءً، فإنّها بحسب اللبّ وإن کانت قضیّة تقییدیّة، ولکنّها بحسب الأحکام قضیّة حینیّة، فافهم واغتنم.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 70