إعادة وإفادة:
قضیّة ما سلف منّا فی کیفیّة استفادة الحکم الوضعیّ من النهی التحریمیّ؛ اختصاص البطلان والفساد بصورة یکون النهی فیها متعلّقاً بالحصّة من المعاملة، حتّیٰ یکون قابلاً للإرشاد إلیٰ بیان قید فی العمومات والمطلقات.
وأمّا إذا کان النهی متعلّقاً بالطبیعة النوعیّة کالقمار والظهار، فلایمکن أن یکون کاشفاً عن قید فی العامّ والمطلق؛ لأنّ المفروض تعلّق النهی بجمیع الأفراد وبالطبیعة المطلقة.
اللهمّ إلاّ أن یقال : بأنّ آیة الوفاء ودلیل الشرط بناءً علیٰ دلالتهما، کما
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 385 تکونان دالّتین علیٰ وجوب الوفاء بکلّ فرد من العقود، تلازم نفوذ الطبیعة النوعیّة من الأفراد المتجمّعة تحت تلک الطبیعة، فیکون مثلاً القمار نافذاً؛ لأنّ الآیة إمّا لها العموم الأنواعیّ فالأمر واضح.
وإمّا یکون لها العموم الأفرادیّ فجمیع أفراد القمار إذا کانت صحیحة، یلزم کون القمار من المعاملات النافذة بما أنّها عقد، فإذا قام الدلیل علیٰ حرمة القمار والظهار ـ بناءً علیٰ ماهو التحقیق من شمول آیة الوفاء بالعقد للإیقاع ـ فلابدّ وأن یلزم تخصیص الآیة والحدیث، وتکون النتیجة أنّ العقد غیر القماریّ واجب الوفاء، والشرط غیر الظهاریّ نافذ.
نعم، فی خصوص الظهار لقیام الدلیل الخاصّ، یؤخذ به من غیر لزوم الشبهة العقلیّة؛ وهی الجمع بین الضدّین؛ لما عرفت من اختلاف موضوعهما آنفاً، فلیتدبّر جیّداً.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 386