المسألة الاُولیٰ : حول استتباع الأمر أو النهی للضمان
لاشبهة فی عدم اقتضاء الأمر بهیئته ولا بمادّته لشیء من الضمان، ولا لشیء من التعهّد حسب اللغة والتبادر.
نعم، لأحد أن یقول: بأنّ مفاد الأمر عرفاً هو أنّ المأمور به تحت اختیار الآمر، وأنّ الآمر إمّا مالکه، أو یکون جائز التصرّف، فإذا تبیّن الخلاف یکون غروراً، فیلزم رجوع المغرور إلی الغارّ.
وفیه : أنّه لایثبت الضمان علی الإطلاق؛ لأنّ من الممکن کون الآمر جاهلاً مرکّباً، وقد تحرّر فی محلّه قصور دلیل الغرور عن تضمین الغارّ؛ إمّا لأجل عدم
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 403 صدق «الغرور» إلاّ مع علم الغارّ، کما هو الأقرب، وهو مختار جمع، أو لأجل انصراف دلیل المسألة عن الجاهل المحسن، کما هو أیضاً قویّ فتکون ید المأمور به مضمونة حسب دلیل «علی الید...» فتأمّل.
وهنا وجه آخر: وهو أنّ الظاهر من الأمر تعهّد الآمر للضمان عند التبیّن.
وبعبارة اُخریٰ : یستکشف من الأمر أنّه جائز التصرّف؛ حملاً لفعله وقوله علی الصحّة، ویفهم من الآمر أیضاً أنّه متعهّد فی صورة التخلّف للضمان، وبهذا الوجه یثبت ضمان الآمر مطلقاً؛ سواء کان عالماً أم جاهلاً مرکّباً ولعلّ وجه ذهاب المشهور إلیٰ ضمانه فی صورة تبیّن کون المأکول للآکل ذلک، فیکون الأمر فی هذه المواقف موجباً للضمان، ومستتبعاً له.
وغیر خفیّ: أنّ ذلک بحسب الإثبات، وإلاّ فبحسب الثبوت فربّما لایکون الآمر إلاّ متصدّیاً للأمر والإحسان، ویکون قاصداً لعدم الضمان، ولکنّه محکوم بحسب النظر العرفیّ بذلک.
نعم، مع الأمر إذا صرّح بعدم الضمان إذا تخلّف وتبیّن أنّ المأمور به لیس تحت سلطانه، یثبت عدم الضمان.
وأیضاً غیر خفیّ: أنّ هذا الضمان واللاضمان فی الصورتین، لیس من عقد الضمان، بل هو من قبیل شرط الضمان فی ضمن الأمر، ولا وجه لدعویٰ عدم نفوذ الشرط؛ بتوهّم اختصاصه بالشرط الواقع فی ضمن العقد.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 404 وهنا وجه ثالث: وهو قاعدة التسبیب، فإنّ الأمر بالإلقاء والأکل سبب التلف، فیکون الآمر ضامناً.
وفیه : مضافاً إلیٰ عدم تمامیّة المدّعیٰ بها، لا دلیل علیٰ صحّة القاعدة المزبورة، ولا ترجع إلیٰ قاعدة الإتلاف.
نعم، إذا کان الأمر فی القوّة إلیٰ حدّ ینسب إلیه التلف فهو، ولکنّه بمعزل عن التحقیق.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 405