تنبیه : عدم صحّة العبادة مع المندوحة أو العجز العقلی
إذا کان الوقت واسعاً للفراغ من التصرّف والإتیان بالواجب الاختیاریّ، فإن قلنا: بأنّ التصرّف إمّا لیس بحرام، أو تکون حرمته مرفوعة ولو کان بسوء الاختیار، ولایکون مبغوضاً، فلا منع من صحّة العبادة حال التصرّف الاضطراریّ.
نعم، بناءً علی القول بحرمته حسب الأدلّة الأوّلیة، وعدم ارتفاعها بالأدلّة الثانویّة؛ لانصرافها عن التصرّف بسوء الاختیار، أو عن الاضطرار العقلیّ، وهکذا علی القول بجریان حکم المعصیة علیه، تشکل الصحّة؛ لأنّ مع وجود المندوحة یکون الإجزاء مشکلاً؛ لما تقرّر منّا فی تنبیهات التعبّدی والتوصّلی: من أنّ الاجتزاء بالمصداق المحرّم غیر جائز، خلافاً لما یظهر من السیّد الوالد المحقّـق ـ مدّظلّه .
ثمّ إنّ صحّة الصلاة مشکلة فی صورة کون الاضطرار لا بسوء الاختیار، وکان التحریم فعلیّاً وغیر مرفوع بالأدلّة الثانویّة؛ لانصرافها عن العجز العقلیّ، وذلک لأنّ مجرّد کونه معذوراً فی التصرّف الاضطراریّ، لایکفی للحکم بجواز الاکتفاء بالمصداق المحرّم؛ لأنّه لایخرج بالمعذوریّة عن الحرمة الفعلیّة، فتأمّل.
وتوهّم: أنّ المبغوضیّة وإجراء حکم المعصیة، لایورث کون المصداق مصداق المحرّم حتّیٰ لایجزئ، فی غیر محلّه؛ لعدم الخصوصیّة لوصف الحرمة، بل الحاکم هو العرف، فلو کان العبد قادراً علیٰ تسلیم المصداق المباح غیر المقرون بالمبغوض یتعیّن علیه؛ لانصراف الأدلّة الآمرة إلی المصادیق المباحة.
نعم، فی صورة العجز عن تسلیم المصداق المباح، یقع التزاحم بین الحرام
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 282 والواجب، أو بین المبغوض والواجب، ولابدّ حینئذٍ من علاج المسألة بما یعالج به المتزاحمات.
مثلاً: فیما نحن فیه إذا کان یشتغل بالخروج والتخلّص، لایتمکّن من الصلاة ولو برکعة إیمائیّة، فإنّه لایبعد تعیّن التصرّف؛ لأنّ الصلاة أهمّ من ترک التصرّف بالمقدار الزائد، فضلاً عمّا إذا لم یکن یستلزم زیادة التصرّف، وأمّا فی غیر هذه الصورة فلا وضوح له.
والبحث حول هذه الجهة خارج عمّا هو المقصود بالبحث؛ وهی صحّة الصلاة ولا صحّتها حال التصرّف الاضطراریّ، ولاینبغی الخلط وإطالة الکلام فیما لایعنی، والله العالم بحقائق الاُمور.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 283
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 284