الجهة الثالثة : فیما یتعلّق بعنوان «الفساد» أوّلاً وبالذات وبـ «الصحّة» تبعاً له
وقبل الخوض فی اُمور مرتبطة فیهما، وراجعة إلیٰ حدودهما وخصوصیّاتهما، لابدّ من الإشارة إلیٰ نکتة: وهی أنّ البحث عن المفاهیم اللغویّة جائز إذا کانت واردةً فی الکتاب والسنّة، وأمّا الخوض فیما لایکون فیهما فهو من اللغو، ولاشبهة فی أنّ البحث هنا عن مفهوم «الفساد، غیر صحیح؛ لأنّه لیس له ثمر عملیّ، والجهة
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 312 المبحوث عنها هاهنا أعمّ من مفهوم «الفساد والبطلان والنقصان» وغیر ذلک.
ولأجل هذا الانحراف وقعوا فیما لاینبغی، وقالوا: «کلّ شیء یوصف بـ «الصحّة» و«الفساد» فهو داخل فی محطّ النزاع، وإلاّ فلا» واختلفوا فیما یوصف بـ «الصحّة» و«الفساد».
وتصیر النتیجة : أنّ من یریٰ أنّ المعاملات لاتوصف بـ «الصحّة» و«الفساد» تکون خارجة، وهکذا من یریٰ أنّ اتصاف العبادات بـ «الفساد» من المجاز، کما هو رأی الوالد ـ مدّظلّه فإنّه أیضاً یلزم خروجه؛ لأنّ الموصوف بهما بالتوصف الحقیقیّ ـ دون المجازیّ ـ مورد النزاع، وإلاّ یلزم دخول کلّ شیء أمکن اتصافه ولو مجازاً فیه، وهو غیر مقصود قطعاً.
فبالجملة : یلزم أن تختلف الآراء فی حدود النزاع ؛ لأجل اختلافها فی حدود الصحّة والفساد معنیً ومفهوماً، إلیٰ أن لایوجد موضوع یوصف بهما حقیقة فی الشرع. هذا مع أنّ جعل عنوان «العبادة» و «المعاملة» فی محطّ البحث معناه أنّ النهی المتعلّق بهما وارد فی محطّ النزاع سواء وصفتا بهما، أو لم توصفا بهما، فلاحظ واغتنم.
فتبیّن : أنّ الأصحاب قدس سرهم لم یردوا الشریعة من بابها، والأمر ـ بعدما اطلعت علیه خبراً ـ سهل لا فریة فیه ولا مریة.
إذا عرفت هذه المقدّمة، فالبحث عنهما یقع فی ضمن اُمور :
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 313