رابعها : فی بطلان الصحّة التأهّلیة
قد اشتهر تقسیم الصحّة إلی الصحّة التأهّلیة، والصحّة الفعلیّة، فإنّ الصلاة بعد الفراغ منها صحیحة بالفعل، والصلاة حین الاشتغال بها صحیحة تأهّلاً؛ لما أنّ الرکعة الاُولی أهل لأن تلتحق بها الثانیة، وتصیر صحیحة بالفعل.
وبعبارة اُخریٰ : لو فسدت الصلاة بعد ذلک فلیس الفساد ناشئاً من الرکعة
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 320 الاُولیٰ، بل هو یأتی من الجهات الاُخر والرکعات الآتیة.
أقول أوّلاً : بناءً علیٰ هذا یلزم صحّة تقسیم الفساد إلی القسمین المزبورین، فإنّ الرکعة الاُولیٰ فاسدة تأهّلاً؛ ضرورة أنّ بطروّ الفساد الآتی علی الرکعة الثانیة تصیر الرکعة الاُولیٰ أیضاً فاسدة بالفعل، ویلزم بناء علیه إمکان اجتماع الصحّة التأهّلیة والفساد الفعلیّ بالضرورة.
وثانیاً : إنّه لو کان فی المخترعات الاعتباریّة أثر من الصحّة التأهّلیة، لکان ذلک أیضاً فی الطبائع الخارجیّة، وإذا لاحظنا تلک الخارجیّات من المرکّبات ـ حقیقیّة کانت، أم تألیفیة ـ فهی لاتوصف بالصحّة التأهّلیة.
مثلاً : إذا کان بناء الدار وهیئتها علیٰ أن تکون ذات غرف خمس، فإذا بنیت إحدی الغرف لاتوصف هی بالصحّة التأهّلیة، بل الغرفة الواحدة فی اللحاظ الاستقلالیّ صحیحة بالفعل، ولکنّها تکون بحیث إذا لحقتها الغرف الاُخر یصیر الکلّ داراً، والکلّ یوصف بالصحّة الفعلیّة، وهی الصحّة الاُخریٰ، ولاتکون هذه الصحّة تلک الصحّة التأهّلیة البالغة إلی حدّ الفعلیّة. مع أنّ الصحّة التأهّلیة لابدّ وأن تصیر فعلیّة عند تمامیّة الأجزاء، مع أنّ الأمر لیس کذلک.
هذا، وغیر خفیّ: أنّ الحکم علی شیء بالصحّة تأهّلیاً کان أو فعلیّاً، من القضایا الموجبة المحتاجة إلیٰ وجود الموضوع، والصلاة ورکعتها معدومة حین الحکم، فتدبّر.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 321