سادسها : حول توهّم إضافیّة الصحّة والفساد ودفعه
ربّما تنقسم الصحّة والفساد إلی الشرعیّین والعرفیّین، وفی هذه القسمة یصیران إضافیّین، فیکون الشیء الواحد صحیحاً عرفیّاً، وفاسداً شرعیّاً، ویلزم بناء علیه الخلل فیما مضیٰ؛ من أنّهما لیسا إضافیّین.
وتوهّم الشبهة فی صحّة التقسیم المزبور واضح المنع؛ ضرورة أنّ القمار والبیع الربویّ صحیحان عرفاً، وموضوعان للأثر عند العقلاء، وباطلان شرعاً، ولایترتّب علیهما الأثر المرغوب منهما فی نظر الشرع.
أقول : لنا أن نقول بأنّ مقتضیٰ ما تبیّن منّا فی تقدیر الأشیاء؛ وسبق الوجود العلمیّ علی العینیّ، وسبق نشأة الماهیّة المتقدّرة بالأجزاء والشرائط علیٰ نشأة وجود تلک الماهیّة؛ هو أنّ ماهیّة المعاملات والموضوعات العرفیّة المتسبّب بها إلی المسبّبات الخاصّة إذا صارت خارجیّة، ینتزع منها الصحّة، وتلک الماهیّات ـ لأجل حکم الشرع بعدم جواز ترتیب الآثار علیها ـ لاینتزع منها
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 323 الصحّة بهذا المعنیٰ.
وأمّا توصیفها بالفساد، أو دخالة الشرع فی مقدّرات المعاملات، فهو غیر واضح وغیر لازم وإن کان ذلک ممکناً خلافاً لما یستظهر أحیاناً فی بعض المواضع عن جمع؛ ضرورة أنّ عائلة البشر إذا کانت تابعة للشرع، تصیر الاعتبارات الأوّلیة العقلائیّة منسیّة، وتبقی القیود والشرائط الشرعیّة فی المحاورات العرفیّة والمعاملات العقلائیّة، کما یکون من المحتمل هذا الوجود من الاعتبار العقلائیّ، معتبراً شرعیّاً من الشرائع السالفة، فلاحظ واغتنم؛ فإنّه ینفعک فی کثیر من المراحل.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 324