فصل:فی أحکام صلاة المسافر
مضافاً إلی ما مرّ فی طیّ المسائل السابقة،قد عرفت:أنّه یسقط بعد تحقّق الشرائط المذکورة من الرباعیات رکعتان،کما أنّه تسقط النوافل النهاریة؛أی نافلة الظهرین،بل ونافلة العشاء -و هی الوتیرة-أیضاً علی الأقوی،وکذا یسقط الصوم الواجب عزیمة،بل المستحبّ أیضاً،إلّافی بعض المواضع المستثناة فیجب علیه القصر فی الرباعیات فیما عدا الأماکن الأربعة،ولا یجوز له الإتیان بالنوافل النهاریة بل ولا الوتیرة إلّابعنوان الرجاء واحتمال المطلوبیة؛ لمکان الخلاف فی سقوطها وعدمه،ولا تسقط نافلة الصبح و المغرب ولا صلاة
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 749 اللیل،کما لا إشکال فی أنّه یجوز الإتیان بغیر الرواتب من الصلوات المستحبّة.
(مسألة 1): إذا دخل علیه الوقت و هو حاضر،ثمّ سافر قبل الإتیان بالظهرین،یجوز له الإتیان بنافلتهما سفراً و إن کان یصلّیهما قصراً،و إن ترکها فی الوقت یجوز له قضاؤها.
(مسألة 2): لا یبعد جواز الإتیان بنافلة الظهر فی حال السفر؛إذا دخل علیه الوقت و هو مسافر،وترک الإتیان بالظهر حتّی یدخل المنزل من الوطن أو محلّ الإقامة،وکذا إذا صلّی الظهر فی السفر رکعتین وترک العصر إلی أن یدخل المنزل،لا یبعد جواز الإتیان بنافلتها فی حال السفر،وکذا لا یبعد جواز الإتیان بالوتیرة فی حال السفر إذا صلّی العشاء أربعاً فی الحضر ثمّ سافر،فإنّه إذا تمّت الفریضة صلحت نافلتها.
(مسألة 3): لو صلّی المسافر بعد تحقّق شرائط القصر تماماً؛فإمّا أن یکون عالماً بالحکم و الموضوع أو جاهلاً بهما أو بأحدهما أو ناسیاً،فإن کان عالماً بالحکم و الموضوع عامداً فی غیر الأماکن الأربعة بطلت صلاته،ووجب علیه الإعادة فی الوقت و القضاء فی خارجه،و إن کان جاهلاً بأصل الحکم و أنّ حکم المسافر التقصیر لم یجب علیه الإعادة فضلاً عن القضاء،و أمّا إن کان عالماً بأصل الحکم وجاهلاً ببعض الخصوصیات-مثل أنّ السفر إلی أربعة فراسخ مع قصد الرجوع یوجب القصر أو أنّ المسافة ثمانیة،أو أنّ کثیر السفر إذا أقام فی بلده أو غیره عشرة أیّام یقصّر فی السفر الأوّل،أو أنّ العاصی بسفره إذا رجع إلی
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 750 الطاعة یقصّر ونحو ذلک-وأتمّ،وجب علیه الإعادة فی الوقت و القضاء فی خارجه،وکذا إذا کان عالماً بالحکم جاهلاً بالموضوع،کما إذا تخیّل عدم کون مقصده مسافة مع کونه مسافة،فإنّه لو أتمّ وجب علیه الإعادة أو القضاء، و أمّا إذا کان ناسیاً لسفره،أو أنّ حکم السفر القصر فأتمّ،فإن تذکّر فی الوقت وجب علیه الإعادة،و إن لم یعد وجب علیه القضاء فی خارج الوقت،و إن تذکّر بعد خروج الوقت لا یجب علیه القضاء،و أمّا إذا لم یکن ناسیاً للسفر ولا لحکمه ومع ذلک أتمّ صلاته ناسیاً،وجب علیه الإعادة و القضاء.
(مسألة 4): حکم الصوم فیما ذکر حکم الصلاة،فیبطل مع العلم و العمد، ویصحّ مع الجهل بأصل الحکم،دون الجهل بالخصوصیات ودون الجهل بالموضوع.
(مسألة 5): إذا قصّر من وظیفته التمام،بطلت صلاته فی جمیع الموارد إلّا فی المقیم المقصّر،للجهل بأنّ حکمه التمام.
(مسألة 6): إذا کان جاهلاً بأصل الحکم ولکن لم یصلّ فی الوقت وجب علیه القصر فی القضاء بعد العلم به و إن کان لو أتمّ فی الوقت کان صحیحاً، فصحّة التمام منه لیس لأجل أنّه تکلیفه،بل من باب الاغتفار،فلا ینافی ما ذکرنا قوله:«اقض ما فات کما فات»،ففی الحقیقة الفائت منه هو القصر
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 751 لا التمام،وکذا الکلام فی الناسی للسفر أو لحکمه،فإنّه لو لم یصلّ أصلاً عصیاناً أو لعذر وجب علیه القضاء قصراً.
(مسألة 7): إذا تذکّر الناسی للسفر أو لحکمه فی أثناء الصلاة،فإن کان قبل الدخول فی رکوع الرکعة الثالثة أتمّ الصلاة قصراً واجتزأ بها،ولا یضرّ کونه ناویاً من الأوّل للتمام؛لأنّه من باب الداعی والاشتباه فی المصداق لا التقیید،فیکفی قصد الصلاة و القربة بها،و إن تذکّر بعد ذلک بطلت ووجب علیه الإعادة مع سعة الوقت ولو بإدراک رکعة من الوقت،بل وکذا لو تذکّر بعد الصلاة تماماً و قد بقی من الوقت مقدار رکعة؛فإنّه یجب علیه إعادتها قصراً،وکذا الحال فی الجاهل بأنّ مقصده مسافة إذا شرع فی الصلاة بنیّة التمام ثمّ علم بذلک،أو الجاهل بخصوصیات الحکم إذا نوی التمام ثمّ علم فی الأثناء أنّ حکمه القصر،بل الظاهر أنّ حکم من کان وظیفته التمام إذا شرع فی الصلاة بنیّة القصر جهلاً،ثمّ تذکّر فی الأثناء العدول إلی التمام،ولا یضرّه أنّه نوی من الأوّل رکعتین مع أنّ الواجب علیه أربع رکعات؛لما ذکر من کفایة قصد الصلاة متقرّباً و إن تخیّل أنّ الواجب هو القصر؛لأنّه من باب الاشتباه فی التطبیق و المصداق لا التقیید، فالمقیم الجاهل بأنّ وظیفته التمام إذا قصد القصر ثمّ علم فی الأثناء یعدل إلی التمام ویجتزئ به،لکن الأحوط الإتمام و الإعادة،بل الأحوط فی الفرض الأوّل أیضاً الإعادة قصراً بعد الإتمام قصراً.
(مسألة 8): لو قصّر المسافر اتّفاقاً لا عن قصد،فالظاهر صحّة صلاته،و إن کان الأحوط الإعادة،بل وکذا لو کان جاهلاً بأنّ وظیفته القصر فنوی التمام لکنّه قصّر سهواً،والاحتیاط بالإعادة فی هذه الصورة آکد وأشدّ.
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 752 (مسألة 9): إذا دخل علیه الوقت و هو حاضر متمکّن من الصلاة ولم یصلّ ثمّ سافر،وجب علیه القصر،ولو دخل علیه الوقت و هو مسافر فلم یصلّ حتّی دخل المنزل؛من الوطن أو محلّ الإقامة أو حدّ الترخّص منهما أتمّ، فالمدار علی حال الأداء لا حال الوجوب و التعلّق،لکن الأحوط فی المقامین الجمع.
(مسألة 10): إذا فاتت منه الصلاة وکان فی أوّل الوقت حاضراً وفی آخره مسافراً أو بالعکس،فالأقوی أنّه مخیّر بین القضاء قصراً أو تماماً؛لأنّه فاتت منه الصلاة فی مجموع الوقت،والمفروض أنّه کان مکلّفاً فی بعضه بالقصر وفی بعضه بالتمام،ولکن الأحوط مراعاة حال الفوت و هو آخر الوقت،وأحوط منه الجمع بین القصر و التمام.
(مسألة 11): الأقوی کون المسافر مخیّراً بین القصر و التمام فی الأماکن الأربعة:و هی مسجد الحرام ومسجد النبی صلی الله علیه و آله و سلم ومسجد الکوفة و الحائر الحسینی،بل التمام هو الأفضل و إن کان الأحوط هو القصر،وما ذکرنا هو القدر المتیقّن،وإلّا فلا یبعد کون المدار علی البلدان الأربعة،و هی مکّة و المدینة والکوفة وکربلاء،لکن لا ینبغی ترک الاحتیاط خصوصاً فی الأخیرتین، ولا یلحق بها سائر المشاهد،والأحوط فی المساجد الثلاثة الاقتصار علی الأصلی منها دون الزیادات الحادثة فی بعضها،نعم لا فرق فیها بین السطوح
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 753 والصحن و المواضع المنخفضة منها،کما أنّ الأحوط فی الحائر الاقتصار علی ما حول الضریح المبارک.
(مسألة 12): إذا کان بعض بدن المصلّی داخلاً فی أماکن التخییر وبعضه خارجاً لا یجوز له التمام،نعم لا بأس بالوقوف منتهی أحدها إذا کان یتأخّر حال الرکوع و السجود؛بحیث یکون تمام بدنه داخلاً حالهما.
(مسألة 13): لا یلحق الصوم بالصلاة فی التخییر المزبور،فلا یصحّ له الصوم فیها،إلّاإذا نوی الإقامة أو بقی متردّداً ثلاثین یوماً.
(مسألة 14): التخییر فی هذه الأماکن استمراری،فیجوز له التمام مع شروعه فی الصلاة بقصد القصر وبالعکس ما لم یتجاوز محلّ العدول،بل لا بأس بأن ینوی الصلاة من غیر تعیین أحد الأمرین من الأوّل،بل لو نوی القصر فأتمّ غفلة أو بالعکس فالظاهر الصحّة.
(مسألة 15): یستحبّ أن یقول عقیب کلّ صلاة مقصورة ثلاثین مرّة«سبحان اللّٰه و الحمد للّٰهولا إله إلّااللّٰه و اللّٰه أکبر»و هذا و إن کان یستحبّ من حیث التعقیب عقیب کلّ فریضة حتّی غیر المقصورة،إلّاأنّه یتأکّد عقیب المقصورات،بل الأولی تکرارها مرّتین؛مرّة من باب التعقیب ومرّة من حیث بدلیتها عن الرکعتین الساقطتین.
کتابالعروة الوثقی مع تعالیق الامام الخمینی (س) (ج. ۱)صفحه 754