تنبیه وإیقاظ : فی أنّ الأمر الجدید إرشاد إلیٰ بقاء الأمر الأوّل اعتباراً
هل الأدلّة الناهضة علی القضاء فی مواردها، تکون ظاهرة فی أنّ القضاء واجب مستأنف آخر، أم تفید الإرشاد إلیٰ بقاء المطلوبیّة للطبیعة خارج الوقت؟ وجهان، وتفصیله فی الفقه.
وإجماله: أنّ قضیّة تعدّد الواجب تعدّد العقاب، فیکون المکلّف مؤاخذاً علیٰ أمرین تأسیسیّین، وهو غیر موافق لفهم العرف، بل القضاء تدارک لأجل مصلحة الطبیعة، وتصیر النتیجة تفویت مصلحة الوقت، ویکون نظیر تفویت مصلحة المائیّة والإتیان بالترابیّة، فکان الأمر الجدید إرشاداً إلیٰ بقاء الأمر الأوّل اعتباراً.
وغیر خفیّ: أنّ الأدلّة التی ذکروها للقضاء خارج الوقت من قوله: «من فاتته الفریضة أو الصلاة فلیقضها کما فاتته» فهو بلا أصل، ولا عهد به فی کتب الأخبار والأحادیث.
وأمّا قوله علیه السلام: «اقض ما فات کما فات» فهو لا یدلّ علیٰ وجوب القضاء، بل یدلّ علیٰ وجوب المماثلة بین المأتیّ به والمقضی، ولا یعقل دلالته علیٰ الأمرین: أصل وجوب القضاء، ووجوب المماثلة؛ حسب الأفهام العرفیّة، فلا تغفل. وعلیٰ هذا، لا دلیل علیٰ القضاء.
نعم، یستفاد من ذلک: أنّ الأمر الأوّل المتعلّق بالطبیعة المقیّدة، باقٍ علیٰ
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 66 الطبیعة المطلقة، ویکون هو الداعی ـ فی الاعتبار نحو الطبیعة خارج الوقت، فإن کان أمراً استحبابیّاً فیکون القضاء مستحبّاً، وإن کان واجبیّاً فهکذا.
وإن شئت قلت: یستفاد من هذه الأوامر تعدّد المطلوب، وبقاء طلب المولیٰ بالنسبة إلیٰ الطبیعة المطلقة، ولولا ذلک لما کان یمکن استفادة ذلک بالأمر الأوّل. فهذا هو معنیٰ «أنّ القضاء بالأمر الجدید».
وعلیٰ هذا، لابدّ من قصد الأمر الأوّل، وامتثال ذلک الأمر خارج الوقت، ولذلک لیس القضاء من القیود النوعیّة، ولا یعتبر قصد القضائیّة أو الأدائیّة، علیٰ خلاف عمیق فی المسألة؛ حسب ما تحرّر منّا فی کتاب الصلاة والصوم.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 4)صفحه 67