ذنابة : حول وجوب تحصیل المقدّمات الوجودیّة ووجوب المحافظة علیها
إذا تبیّن ذلک، فإن کان القید المأخوذ فی الدلیل ظرفاً للانبعاث، وتکون القضیّة الحینیّة معلومة التحقّق فی الاستقبال، کالزوال والاستطاعة مثلاً، فلابدّ من تحصیل المقدّمات الوجودیّة، ولایکون القید المزبور مورد الأمر الغیریّ؛ بناءً علیٰ الملازمة، ویکون خارجاً عن محطّ البحث؛ للزوم الخلف وهو کون الوجوب المعلّق منجّزاً، فهو مأخوذ خارجاً عن الأمر وعن دائرة الطلب، ویکون مفروض الوجود؛ أی اعتبر وجوده فی لحاظ المولیٰ علی الوجه المذکور، وهذا لا شبهة فیه.
وإنّما الإشکال والشبهة فی أنّه إذا شکّ فی تحقّق الزوال والاستطاعة فرضاً، فهل یجب الاحتیاط بالنسبة إلی المقدّمات الموجودة، أم لا؟ وجهان:
من أنّ معنیٰ فعلیّة الحکم فی الوجوب المعلّق؛ أنّ کلّ إنسان محکوم بهذا الحکم، ویکون الحکم فعلیّاً بالنسبة إلیه، وهو مخاطب بخطاب «حجّ وصلّ عند
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 127 الاستطاعة والزوال» فهو الآن یعلم بتکلیفه بالحجّ حین الاستطاعة ، فلو أخلّ بالمقدّمات الوجودیّة، ثمّ اتفقت استطاعته، فقد أخلّ بالوجوب والمرام من غیرعذر.
ومن أنّ المخاطب فی دلیل الحجّ من یتّفق بحسب علم الله له الاستطاعة، وإذا شکّ فی تحقّق الاستطاعة، یشکّ فی توجیه الخطاب المعلّق إلیه، فلایکون الخطاب معلوماً، ولا معنیٰ لکون کلّ فرد من أفراد الناس مخاطباً بالحجّ عند الاستطاعة؛ للغویّة خطاب من لایتّفق له هذا الحین وظرف الانبعاث بالحجّ، فلابدّ أن یتعیّن الوجه الثانی.
اللهمّ إلاّ أن یقال : هذا فی الخطابات الشخصیّة أو القانونیّة المنحلّة إلی الخطابات الشخصیّة، وأمّا الخطابات القانونیّة فلا مانع من لغویّة بعض منها، کما تحرّر فی محلّه.
نعم، یمکن التشبّث باستصحاب عدم تحقّق الاستطاعة؛ لرفع وجوب الاحتیاط العقلیّ، ولیس هذا من المثبت، فتأمّل جیّداً.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 128