إیقاظ وتنبیه : حول ما أفاده الوالد المحقّق فی المقام
یظهر من الوالد المحقّق ـ مدّظلّه احتمال ترتّب الثواب علیٰ هذه المقالة علی الوجوب الغیریّ؛ لأنّ وجه الترتّب صفاء النفس الحاصل من الأفعال، والنیّات
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 156 الخیّرة، والمقاصد الکاشفة عن حسن الذات، وغیر ذلک.
ویظهر من بعض عباراته : أنّ ترتّب الآثار اختیاریّ للنفس، وأنّها تصیر ذات قدرة خلاّقة علی خلق الصور البهیّة، أو علی خلق الصور المؤذیة. وهذا غیر ظاهر عندنا.
أمّا ترتّب الثواب علی المقدّمات المأتیّة بعنوان المطلوبیّة للمولیٰ، فهو خارج عن الجهة المبحوث عنها؛ لأنّ ما ذکرناه فی تلک المقالة: أنّ الثواب والعقاب یترتّبان علی الأفعال، فإن کانت هی عبادیّة، وتکون الأوامر الشرعیّة الکاشفة عن التوابع، تکشف عن تعبّدیتها، فلابدّ من الإتیان بها تعبّداً، والأثرمترتّب علیه علیٰ هذه الکیفیّة.
وإن کانت توصلیّة، فیعلم من الأمر الشرعیّ والإرشاد الإلهیّ: أنّ الأثر مترتّب علیٰ نفس الفعل وإن اُتی به لغیر الله . فما اشتهر بین الأعلام: «من أنّ الثواب مترتّب علی الفعل؛ بشرط الإتیان به بقصد القربة والنیّة الخالصة» غیر صحیح؛ لأنّ إطلاق الأمر کاشف عن أنّ التوابع للفعل الأعمّ.
ثمّ إنّه لو کان الأثر فعلاً اختیاریّاً للنفس؛ وتکون النفس بعد التلبّس بالاستعداد الکافی، وبعد صیرورتها کاملة بتلک الأفعال ، مختارةً فی إیجادها، فیکون العقاب اختیاریّاً، وهذا ضروریّ الفساد. والالتزام بالتفکیک غیر جائز.
مع أنّ الظاهر من الشریعة: أنّ أمر الإنسان دائر بین الثواب والعقاب، ولایکون خارجاً عنهما، ولو کان اختیاریّاً یلزم إمکان کونه فی غیر الجنّة والنار، والله العالم بحقائق الاُمور ، فلیتدبّر جیّداً.
وممّا ذکرنا یظهر : أنّ مجرّد الإتیان بالفعل موجّهاً إیّاه بوجهة الله ، غیر کافٍ لکونه ذا أثر، وتابع مطلوب وحسناً، بل ذلک تابع لمقدار الکشف الثابت بالشرائع، أو من یحصل له الکشف إجمالاً فی هذه المراحل فرضاً وتخیّلاً، وإلاّ فمجرّد ذلک غیر
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 157 ثابت جدّاً.
نعم، لایبعد دعویٰ: أنّ ذلک ثابت فی الشریعة الإلهیّة؛ وهو أنّ کلّ فعل إذا صنعه العبد لله تعالیٰ، قاصداً إیّاه وخیره، یترتّب علیه الآثار المطلوبة والصور الملذّة. والأدلّة المتکفّلة لحشر العبد مع من أحبه، ومع ما نویٰ، یقتضی ذلک، کما لایخفیٰ.
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 158