الأمر الثانی: فی المراد من الوجوب المعلّق
لایقول مثبت الوجوب المعلّق : بأنّ الإرادة التی هی منشأ اعتبار الوجوب بعد الظهور، تنفکّ عن المراد بالذات، حتّیٰ ینکر علیه من استوحش من هذا التقسیم، فیقول: إنّ الإرادة متشخّصة بالمراد، فلایعقل تحقّق الإرادة بلا مراد، من غیر فرق بین الإرادة التکوینیّة والتشریعیّة، بل من یرید إثبات المعلّق، یرید تفکیک الإرادة عن المراد بالعَرَض؛ وما هو الفعل الخارجیّ.
فالبحث یکون فی المقام حول أنّ الإرادة والوجوب، هل یمکن أن یتعلّق بالمتأخّر زماناً؛ بمعنیٰ أن تکون الإرادة السابقة المتشخّصة بصورة المراد ذهناً،
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 111 والموجودة بوجود المراد الذهنیّ، علةَ وجود المراد فیما لایزال وفی الزمان المستقبل، أم لا؟
فبالجملة : من یدّعی الوجوب المعلّق، لایرید إثبات تحقّق الإرادة بدون المراد فی ظرف وجود الإرادة؛ أی لایتمکّن من أن یدّعی تحقّقها بلا المراد بالذات، بل الإرادة عنده کالعلم لابدّ لها من طرف؛ لکونها من الأفعال ذات الإضافة، أو من الصفات ذات الإضافة.
وعلیٰ کلّ حال : لایعقل تصوّرها بالحمل الشائع إلاّ مع طرف فی ظرف وجودها وحصولها؛ لأنّها متشخّصة بالمراد، ویکون المراد فی المرتبة السابقة علیها وجوداً؛ أی المراد بالذات، لا المراد بالعرض.
إذا عرفت هذه المسألة، ومحلّ النزاع، وماهو المقصود من «الوجوب المعلّق» تصوّراً، فالآن حان وقت تحقیق المسألة تصدیقاً، ولا بأس بذکر بعض المقدّمات سابقة علیٰ ماهو المطلوب؛ حتّیٰ لایبقیٰ محلّ إشکال للآخرین:
کتابتحریرات فی الاصول (ج. 3)صفحه 112