وجـه آخر لعدم جواز التمسّک بالعامّ فی الشبهـة المصداقیّـة
ثمّ إنّـه حکی عن مقالات المحقّق العراقی وجـه آخر لعدم جواز التمسّک بالعامّ فی الشبهـة المصداقیـة للمخصّص ، وهو : أنّ حجّیـة الظهور منحصرة فی الدلالـة التصدیقیـة للکلام الملقیٰ من المتکلّم ، ولا تتحقّق تلک الدلالـة إلاّ بعد کون المتکلّم بصدد إبراز مرامـه بکلامـه وإفهام غرضـه بـه ، ویتوقّف ذلک علیٰ
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 282 تصوّره وثبوتـه عنده ، ومع الشکّ ـ کما هو المفروض فی المقام ـ لایتعلّق بـه غرضـه حتّیٰ یفیده بکلامـه ، فإذا کان شاکّاً فی کون زید عالماً کیف یتعلّق غرضـه بإکرامـه ؟ ! ومع عدمـه لایکون المقصود باللّفظ إفهامـه ، ومعـه لایکون الظهور حجّةً أصلاً بالنسبة إلی المورد الذی لم یتعلّق الغرض بإفهامـه ، ونسب هذا الوجـه إلی الشیخ الأنصاری قدس سره .
وأنت خبیر بأ نّـه ـ مضافاً إلی أنّ کلام الشیخ لایستفاد منـه هذا الوجـه ، بل مفاده یرجع إلیٰ ما ذکرنا ممّا عرفت ـ نقول : هذا الوجـه لایتمّ أصلاً ، وذلک لأنّ مقصود المتکلّم إنّما هو بیان الکبریات الکلّیـة ، والجهل بصغریاتها خارجاً لایضرّ بتعلّق الغرض بها ثمّ إفادتها باللّفظ ؛ لأنّ من الواضح أنّ إلقاء الحکم الکلّی لو کان متوقّفاً علیٰ ثبوت صغراه عنده والعلم بحالها یلزم أن لایتحقّق فی الخارج أصلاً ؛ لقلّـة العلم بالصغریات تفصیلاً مع أنّ کثرتـه ممّا لایکاد ینکر .
وسرّه ما عرفت من أنّ تعلّق الغرض بالکبریات لایستلزم العلم بالصغریات أصلاً .
ألا تری أ نّـه لو کان بعض الصغریات مشکوکاً عند المتکلّم دون المخاطب ، هل یرضیٰ أحد بخروج ذلک البعض وعدم شمول الحکم الکلّی لـه ؟ مثلاً لو أمر المولیٰ عبده بإنقاذ أولاده من الغرق وشکّ فی بعضهم أ نّـه من أولاده أو لا ؛ لظلمـة أو لغیرها مع کون حالـه معلوماً عند العبد وأ نّـه منهم ، فهل یقول أحد من العقلاء بعدم وجوب إنقاذه علی العبد وإن کان یعلم بأ نّـه ولد المولیٰ ؟ معتذراً بجهل المولیٰ حالـه ، بل یحکم بالوجوب العقلاء کافّـة ولو فیما علم المولیٰ بأ نّـه لیس ولده ، وهذا واضح .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 283