دفعُ وَهم : فی أنحاء الوحدة الاعتباریّـة
ثمّ إنّـه ذکر المحقّق العراقی ـ علیٰ ما فی التقریرات المنسوبـة إلیـه ـ أنّ الوحدة الاعتباریـة یمکن أن تکون فی الرتبـة السابقـة علی الأمر بأن یعتبر عدّة اُمور متبائنـة شیئاً واحداً بلحاظ مدخلیتها فی حصول غرض واحد ، ویمکن أن
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 24 تکون فی الرتبـة المتأخّرة بحیث تنتزع من نفس الأمر بلحاظ تعلّقـه بعدّة اُمور ، فیکون تعلّقـه بها منشأً لانتزاع الوحدة لها الملازمـة لاتّصافها بعنوانی الکلّ والأجزاء .
ثمّ ذکر بعد ذلک أنّ الوحدة بالمعنی الثانی لایعقل أن تکون سبباً لترشّح الوجوب من الکلّ إلی الأجزاء بملاک المقدّمیـة ؛ لأنّ الجزئیـة والکلّیـة الملزومـة لهذه الوحدة ناشئـة من الأمر علی الفرض ، فتکون المقدّمیّـة فی رتبـة متأخّرة عن تعلّق الأمر بالکلّ ، ومعـه لایعقل ترشّحـه علی الأجزاء ؛ لأنّ الأمر الغیری إنّما یتعلّق بما یکون مقدّمةً مع الغضّ عن تحقّق الأمر ، ولایمکن تعلّقـه بما لایکون مقدّمةً فی رتبة سابقة علی الأمر ، فالنزاع فی تعلّق الوجوب الغیری ینحصر بالقسم الأوّل . انتهیٰ .
ولایخفیٰ أنّ فی کلامـهقدس سره خلطاً من وجهین :
الأوّل : أنّ جعل أشیاء متعدّدةٍ متعلّقةً لأمر واحد لایمکن إلاّ بعد کون المصلحـة قائمةً بهیئتـه الاجتماعیة ، وإلاّ فمع کون کلّ واحد منها ذا مصلحة مستقلّة موجبـة لتعلّق إرادة مستقلّـة بها لایمکن اجتماعها فی متعلّق أمر واحد .
وبالجملـة فتعلّق الأمر بالأشیاء المتعدّدة متوقّف علیٰ تصوّرها بالنحو الذی یترتّب المصلحـة علیها ، وذلک النحو لیس إلاّ اجتماع کلّ مع الآخر ، فالاجتماع ملحوظ لامحالـة قبل تعلّق الأمر ؛ إذ المصلحـة المنظورة إنّما یترتّب علیها مع هذا الوصف ، ولا نعنی بالوحدة إلاّ لحاظ الأشیاء المتغائرة مجتمعةً کلّ واحد منها مع الآخر لامفهوم الوحدة کما لایخفیٰ ، فلا فرق بین القسمین فی أنّ الوحدة فی کلیهما ملحوظـة قبل تعلّق الأمر أصلاً .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 25 الثانی : أنّـه لو سلّمنا أنّ انتزاع الوحدة الملازمـة لاتّصاف الأشیاء بعنوانی الکلّ والأجزاء إنّما هو بعد تعلّق الأمر بها ، ولکن نقول : إنّ النزاع فی باب المقدّمـة إنّما هو فیما یتوقّف علیـه المأمور بـه واقعاً ، ولایکاد یمکن تحقّقـه بدونـه ، لا فی عنوان المقدّمیـة ؛ ضرورة أنّها لم تکن متوقّفاً علیها أصلاً ، وحینئذٍ فمجرّد أنّ عنوان المقدّمیـة یتوقّف اتّصاف الأجزاء بـه علیٰ تعلّق الأمر لایوجب خروج الأجزاء عن توقّف المأمور بـه علیها واقعاً .
مضافاً إلیٰ أنّ عنوان المقدّمیـة إنّما هو من العناوین الإضافیـة التی من شأنها أن یتحقّقا معاً من دون توقّف بینهما أصلاً ، نظیر العلّیّـة والمعلولیـة ، فإنّ العلّـة منشأ لصدور المعلول بذاتها ومتقدّمـة علیـه بحقیقتها لابوصف العلّیّـة ، فإنّها من الاُمور الإضافیـة ، وعروضها للعلّـة إنّما هو فی مرتبـة عروض وصف المعلولیـة للمعلول من دون تقدّم وتأخّر أصلاً . وهذا واضح جدّاً .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 26