مناقشـة العلمین : الأصفهانی والعراقی
ثمّ إنّـه اعترض بعض المحقّقین فی شرحـه علی الکفایـة علیٰ تفریع الثمرة بما حاصلـه : أنّ المراد بالمقدّمـة الموصلـة إمّا العلّـة التامّـة أو المقدّمـة التی لا تنفکّ عن ذیها .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 94 فالمقدّمـة الموصلـة علی الأوّل : ترک الصلاة ووجود الإرادة ، ومن الواضح أنّ نقیض المجموع من الأمرین مجموع النقیضین ، وإلاّ فلیس لهما بهذا الاعتبار نقیض ، فنقیض الترک هو الفعل ، ونقیض الإرادة عدمها ، فإذا وجب مجموع الترک والإرادة بوجوب واحد ، حرم مجموع الفعل وعدم الإرادة بحرمـة واحدة ، ومن الواضح تحقّقهما عند إیجاد الصلاة ، بداهـة عدم إمکان إرادة الإزالـة مع فعل الصلاة .
وأمّا علی الثانی : فالمقدّمـة هو الترک الخاصّ ، وحیث إنّ الخصوصیـة ثبوتیـة ، فالترک الخاصّ لا رفع لشیء ولا مرفوع بشیء ، فلا نقیض لـه بما هو ، بل نقیض الترک المرفوع بـه هو الفعل ، ونقیض الخصوصیـة عدمها الرافع لها ، فیکون الفعل محرّماً لوجوب نقیضـه ، ومن الواضح اقتران الفعل بنقیض تلک الخصوصیـة المأخوذة فی ظرف الترک ، کما هو واضح ، فافهم واغتنم . انتهیٰ .
ونظیر هذا یظهر من تقریرات بعض الأعاظم حیث قال ما ملخّصـه : الحقّ اندفاع ما اُورد علی الشیخ قدس سره فی المقام ؛ لأنّ المقدّمـة المتقیّدة بالإیصال تنحلّ إلیٰ ذات وخصوصیـة ، ووحدتها فی عالم الموضوعیـة لیست إلاّ أمراً اعتباریاً ناشئاً من وحدة الحکم ؛ لامتناع أن یکون مورد الحکم فی مثل المقام واحداً حقیقیّاً مع اختلاف الذات والتقیّد فی المقولـة ، ونتیجـة الانحلال هو عروض الحکم علی الاُمور المتکثّرة ، ومن شأنها تکثّر نقیضها بلا حاجـة إلیٰ تصـوّر جامع بینها کی یستشکل فی المقام بعدم معقولیـة کون العدم جامعاً بین الوجود والعدم المحض ، إلاّ أنّ لازم تعدّد نقیض الواجب هو مبغوضیـة أوّل نقیض یتحقّق فی الخارج ؛ لأنّـه بوجوده یتحقّق عصیان الأمر ، فیسقط ، فلایبقیٰ موضوع
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 95 لمبغوضیـة غیره .
ففی المثال المعروف إذا کان الشخص الآتی بالصلاة مریداً للإزالـة فی فرض عدم إتیانـه بالصلاة ، فأوّل نقیض لمتعلّق الوجوب الغیری هو فعل الصلاة ، فتصیر مبغوضةً ، فتبطل .
وأمّا إذا کان الشخص الآتی بالصلاة غیر مرید للإزالـة علیٰ تقدیر عدم الإتیان بالصلاة ، فأوّل نقیض للواجب هو عدم إرادة الإزالـة ، فیکون هو المبغوض ، ولا تصل النوبـة إلیٰ مبغوضیـة الصلاة ؛ لسقوط الأمر الغیری بعصیانـه بترک إرادة الإزالـة ، فتبقی الصلاة مع محبوبیّتها ، فلا وجـه لبطلانها . انتهیٰ ملخّص ما فی التقریرات .
هذا ، ولکن لایخفیٰ أنّ الانحلال والتعدّد إنّما هو فی الواقع ومع قطع النظر عن کونهما موضوعاً لحکم واحد وإرادة واحدة ، فإنّـه یصحّ أن یقال بأنّ نقیضهما مجموع النقیضین ، بمعنیٰ أنّـه لایکون للمجموع نقیض واحد ؛ لأنّـه لیس إلاّ أمراً اعتباریاً ، بل هما شیئان ، ولهما نقیضان . وأمّا مع ملاحظـة تعلّق حکم واحد بهما ـ کما هو المفروض فی المقام ـ فمن الواضح کونهما شیئاً واحداً بهذا الاعتبار ؛ إذ لایعقل أن یتعلّق الحکم الواحد والإرادة الواحدة بالشیئین بوصف کونهما کذلک من دون اعتبار الوحدة بینهما .
وما ذکره فی التقریرات : من أن الوحدة ناشئـة عن وحدة الحکم .
ففیـه : أنّ الأمر بالعکس ؛ إذا الوحدة إنّما هو قبل تعلّق الحکم وبلحاظـه ؛ لما عرفت من أنّ تشخّص الإرادة بالمراد ، ومع تعدّده لایعقل وحدتها ، فالحقّ فی المقام ما ذکرنا من دوران الأمر مدار مفهوم النقیض ومعناه ، أنّ نقیض الحکم هل
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 96 یتعلّق بالنقیض أو بالأعم ممّا ینطبق علیـه ؟ کما حقّقناه ، فراجع .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 97