الأمر الثانی : فی الفرق بین العامّ والمطلق
ثمّ لایخفیٰ أنّ معنی العموم ـ کما عرفت ـ یرجع إلی دلالـة الألفاظ الموضوعـة لـه علیـه بالدلالـة اللفظیـة ؛ نظیر جمیع الدلالات اللفظیـة ، وأمّا الإطلاق ـ کما عرفت سابقاً ـ فهو یرجع إلی أنّ المتکلّم العاقل المختار إذا صار بصدد بیان جمیع ما لـه دخل فی موضوع حکمـه ولم یأخذ إلاّ ما نطق بـه وسمعـه المخاطب یستفاد من ذلک کون المذکور هو تمام الموضوع لحکمـه ، ولا مدخلیـة لشیء آخر أصلاً ، وهذه الدلالـة لیست من باب دلالـة الألفاظ علیٰ معانیها ؛ ضرورة أنّ قولـه : أعتق رقبـة ، لایدلّ إلاّ علیٰ وجوب عتق الرقبـة واستفادة الإطلاق بالنسبـة إلی الرقبـة إنّما هی من باب حکم العقل بأنّ المتکلّم الکذائی الذی بصدد البیان محکوم بظاهر کلامـه ؛ لأنّـه لو کان شیء آخر دخیلاً فی موضوع حکمـه ، لکان اللاّزم علیـه أن یذکر ، فهی نظیر دلالـة الفعل الصادر من العاقل المختار علی کون صدوره عن اختیار وإرادة ، ودلالـة التکلّم علیٰ کون مضمون الکلام مقصوداً للمتکلّم ، وحینئذٍ فباب الإطلاق لا ربط لـه بباب العموم أصلاً ، فما وقع من کثیر منهم من أنّ العموم قد یستفاد من جهـة الوضع ، وقد یستفاد من القضیّـة عقلاً ، وقد یستفاد من جهـة الإطلاق مع وجود مقدّماتـه لیس علیٰ ما ینبغی ؛ لأنّ المستفاد من مقدّمات الحکمـة إنّما هو الإطلاق لا العموم ، فهو قسیم لـه لا أنّـه قسم منـه ، کما عرفت .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 264