فی توقّف فعلیّـة الوجوب علی شرطـه
ثمّ إنّـه یقع الکلام بعد هذا فی أنّـه هل یکون الواجب المشروط متعلّقاً للإرادة عند حصول شرطـه بمعنی أنّـه لا إرادة قبل تحقّقـه ، أو أنّ الإرادة تتعلّق بـه فعلاً ولکن علیٰ تقدیر حصول أمر خاص ؟ ویکون الفرق حینئذٍ بینـه وبین الواجب المعلّق هو أنّ الوجوب المطلق یتعلّق بأمر خاص فی الواجب المعلّق ، والوجوب الخاصّ یتعلّق بأمر مطلق فی الواجب المشروط .
ربّما ینسب إلی المشهور الأوّل ، واختار بعض الأعاظم ـ علیٰ ما فی التقریرات المنسوبـة إلیـه ـ الثانی .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 42 ولابدّ قبل الخوض فی ذلک من بیان حقیقـة الحکم .
فنقول : هل الحکم عبارة عن نفس الإرادة التشریعیـة الکامنـة فی نفس الحاکم مطلقاً أو بشرط أن یظهرها المرید بأحد المظهرات من القول أو الفعل أو أنّـه منتزع من البعث أو الزجر اللَّذین هما مفاد هیئـة الأمر والنهی ؟ وجوه ، والظاهر هو الثالث ؛ لأنّ مجرّد تعلّق الإرادة التشریعیـة بشیء لایعدّ من باب تعلّق الحکم بـه وإن کانت ربّما یجب متابعتها ، فإنّ وجوب المتابعـة لیس متفرّعاً علیٰ خصوص حکم المولیٰ ، بل لو اطّلع العبد علیٰ تعلّق إرادة المولیٰ بإتیانـه شیئاً ، فاللازم ـ کما یحکم بـه العقل والعقلاء ـ متابعـة إرادتـه ، بل ربّما یجب تحصیل غرضـه وإن لم تنقدح إرادة متعلّقـة بـه فی نفس المولیٰ لغفلتـه أو نومـه أو غیرهما .
ألا تریٰ أنّـه لو أشرف ولد المولیٰ مثلاً علی الغرق فی البحر ولم یکن المولیٰ مطّلعاً علیـه حتیٰ یبعث العبد نحو خلاص ولده ، یکون علی العبد ذلک وأن ینجی ولده من الهلاک .
وبالجملـة ، فوجوب الإتیان عقلاً أعمّ من الحکم ، والذی یطابقـه الوجدان هو أنّ منشأ انتزاع الحکم هو نفس البعث والزجر المتوجّهین إلی العبد ، وحینئذٍ فلا إشکال فی عدم تحقّق الحکم قبل حصول الشرط ؛ لعدم ثبوت البعث قبلـه ، کما هو واضح .
إذا عرفت ما ذکرنا : فاعلم أنّ بعض الأعاظم بعد اختیاره أنّ الحکم عبارة عن نفس الإرادة التشریعیّـة التی یظهرها المرید بالقول أو الفعل ذهب إلیٰ خلاف ما علیـه المشهور ، وأنّ الإرادة فی الواجب المشروط موجودة قبل تحقّق
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 43 الشرط مدّعیاً أنّ الوجدان دلیل علیـه .
قال : فإنّا نجد من أنفسنا إرادة العمل الذی یکون فیـه مصلحـة لنا علیٰ تقدیر خاص وإن لم یکن ذلک التقدیر متحقّقاً بالفعل .
وأنت خبیر بأنّـه لو سلّم انتزاع الحکم عن نفس الإرادة المظهرة ، فلا نسلّم انتزاعـه عن هذا النحو من الإرادة المتحقّقـة فی الواجب المشروط ، کما لایخفیٰ .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 44