الوجـه الأوّل : ما هو المنسوب إلی القدماء
وهو لایختصّ بالشرط ، بل یجری فی جمیع القیود المأخوذة فی الکلام شرطاً کانت أو وصفاً أو غیرهما .
وغایـة تقریبـه : أن یقال : إنّ الکلام الصادر من المتکلّم العاقل المختار من حیث إنّـه فعل من الأفعال الاختیاریـة لـه یحکم العقل بأنّـه لم یصدر منـه لغواً ، نظیر سائر أفعالـه ، وکذلک یحکم بأنّ صدوره إنّما هو لغرض التفهیم لا للأغراض الاُخر التی قد یترتّب علی التکلّم ، وذلک لأنّها أغراض نادرة لا تقاوم غرض التفهیم الذی وضع الألفاظ إنّما هو لأجل سهولتـه ، کما لایخفیٰ .
وحینئذٍ فکما أنّ العقل یحکم بأنّ أصل الکلام الصادر من المتکلّم لم یصدر منـه لغواً بل صدر لغرض الإفهام کذلک یحکم بأنّ القیود التی یأخذها فی موضوع کلامـه لم یأخذها جزافاً ومن غیر أثر مترتّب علیـه ، بل لأنّها لها دخل فی موضوع
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 236 الحکم ، فمن ذکر تلک القیود یستکشف أنّ الموضوع لحکمـه المجعول أو المخبر بـه إنّما هو ذات الموضوع مقیّداً بها لا معرّیٰ عنها ، ومن عدم ذکر قید آخر یستکشف عدم مدخلیـة شیء آخر أصلاً ، بل المذکور هو تمام الموضوع ، ومن المعلوم أنّ الحکم یدور مدار موضوعـه ، فبوجوده یوجد ، وبعدمـه ینعدم .
هذا ، ولکن لایخفی أنّ مجرّد إثبات کون المذکور تمام الموضوع لحکمـه المجعول إنّما یفید دوران ذلک الحکم مداره وجوداً وعدماً ، وهو لایثبت المفهوم ؛ لأنّـه عبارة عن انتفاء سنخ ذلک الحکم عند انتفاء موضوعـه بمعنی أنّ المولیٰ لم یجعل مثل هذا الحکم علیٰ موضوع آخر مغایر لهذا الموضوع من حیث القیود ، فمعنیٰ کون بلوغ الماء قدر الکرّ تمام الموضوع لعدم التنجّس هو أنّ تحقّق ذلک الحکم لایتوقّف علیٰ شیء آخر ما عدا ذلک ، وأمّا أنّ کونـه موضوعاً منحصراً لعدم التنجّس بمعنیٰ أنّـه لم یجعل مثل ذلک الحکم علیٰ موضوع آخر ـ کالجاری وماء المطر ـ فلایستفاد أصلاً حتّیٰ یقع التعارض بین دلیل الکرّ وأدلّـة عاصمیـة الجاری وماء المطر .
وبالجملـة ، فهنا شکّان : أحدهما : الشکّ فی کون الموضوع المذکور هو تمام الموضوع لحکمـه المجعول ، والآخر الشکّ فی کونـه موضوعاً منحصراً لمثل ذلک الحکم بحیث لایقوم مقامـه شیء آخر ، ولاینوب منابـه أمر ، وغایـة الدلیل المذکور إنّما هو رفع الشکّ الأوّل ، وإثبات تمامیـة الموضوع المذکور للموضوعیّـة للحکم المجعول ، وما یجدی فی إثبات المفهوم هو رفع الشکّ الثانی ، ولایرفع بذلک الدلیل ، کما هو واضح .
ولعلّـه إلی هذا المعنی ینظر کلام السیّد فی باب المفهوم فراجع .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۱): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 237