حکم ما لو تعلّق الأمر والنهی بنفس الطبیعة
ولو تعلّق الأمر أو النهی بنفس الطبیعـة فحکمـه حکم ما لو تعلّق بصرف الوجود ، فلا یکتفی فی مقام امتثال الأمر بالإتیان بالفرد المشکوک ، ویجوز الإتیان بـه فیما لو کانت متعلّقـة للنهی .
فانقدح مـن جمیع مـا ذکرنا : أنّ الإتیان بالفرد الـذی یشکّ فی تحقّق المنهی عنـه بـه جائز فی جمیع الأقسام الأربعـة المتقدّمـة ، والسرّ فی أکثرها
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 40 هـو ما ذکرنا مـن أنّ النهی لیس بمعنی طلب الترک حتّی یلزم علی المکلّف تحصیل المطلوب وهو ترک المنهی عنـه جـزماً ، کیف والترک الذی هـو العدم کیف یعقل أن یکون متعلّقاً للطلب ومورداً للاشتیاق ؟ ! لأنّـه لیس شیئاً حتّی یمکن أن یصیر مطلوباً ومشتاقاً إلیـه ، وهذا لا فرق فیـه بین العدم المطلق والعدم المضاف .
وأمّا ما فی بعض الکتب العقلیّـة من أنّ العدم المضاف وأعدام الملکات لها حظّ من الوجود ونصیب من التحقّق فلا ینبغی الاغترار بما یدلّ علیـه ظاهر عبائرهم ، فإنّ مراد أساطین الفنّ هو تقریب أذهان المتعلّمین ، وإلاّ فمن الواضح أنّ العدم لا یمکن أن یصیر وجوداً .
وأمّا الإتیان بالفرد الذی یشکّ فی تحقّق المأمور بـه فلا یجب فی العامّ الاستغراقی ولا یکتفی بـه فی امتثال الأمر المتعلّق بنفس الطبیعـة أو بصرف الوجود ویجب الإتیان بما یشکّ فی تحقّق المجموع بـه فی العامّ المجموعی کما عرفت .
ثمّ إنّـه یقع الکلام بعد ذلک فی الأصل المحرز للموضوع فنقول : لو کان المتعلّق مأخوذاً بنحو العامّ الاستغراقی ، وکان هنا فرد داخل فی العامّ سابقاً ، والآن شکّ فی بقائـه فیـه ، فالظاهر جریان الاستصحاب ، ویترتّب علیـه کون إکرامـه أیضاً مأموراً بـه ؛ لما عرفت من أنّ الحکم فی العامّ الاستغراقی إنّما تعلّق بعنوان الکلِّ، لا بما أنّـه عنوان واحد کسائر العناوین ، بل بما أنّـه عنوان إجمالی
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 41 مرآة لجمیع الأفراد ، ولذا ذکرنا أنّ الأمر فیـه ینحلّ إلی أوامر متعدّدة ، وحینئذٍ فبالاستصحاب یثبت فرد آخر ، فیترتّب علیـه حکم العامِّ.
وأمّا لو کان المتعلّق مأخوذاً بنحو العامّ المجموعی الذی قد عرفت أنّـه أمر واحد وشیء فارد وهو عنوان المجموع ، فالظاهر عدم جریان الاستصحاب فی الفرد الذی یشکّ فی کونـه عالماً بعد کونـه عالماً سابقاً قطعاً ، أو غیر عالـم کذلک ، لأنّ استصحاب بقاء عالمیّـة فرد لا یترتّب علیـه أثر شرعی ، إذ الأثر الشرعی إنّما ترتّب علی المجموع ، والاستصحاب لا یثبت أنّ المجموع لا یتحقّق إلاّ بذاک ، کما أنّ استصحاب عدم العالمیّـة لا یثبت تحقّق عنوان المجموع بما عداه ، کما لا یخفی .
نعم لو جری الاستصحاب فی نفس عنوان المجموع کما لو کان إکرام مائـة من العلماء متّصفاً بأنّـه إکرام مجموع العلماء سابقاً ، والآن شکّ فی بقائـه لأجل احتمال کون الزائد علی المائـة أیضاً عالماً ، فیترتّب علیـه الأثر الشرعی ولا یکون مثبتاً .
کتابمعتمد الاصول (ج. ۲): تقریر ابحاث روح الله موسوی الامام الخمینی (س)صفحه 42